تَجَدّدًا أَبَدًا أَبَدًا، الدّهْرَ سَرْمَدًا» . فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ:
مَا أَعْرِفُنِي بِحِلْفِكُمْ وَأَنْتُمْ عَلَى مَا أَسْلَمْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْحِلْفِ! فَكُلّ حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيّةِ فَلَا يَزِيدُهُ الْإِسْلَامُ إلّا شِدّةً، وَلَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ. وَجَاءَتْهُ أَسْلَمُ وَهُوَ بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ [ (١) ] ،
جَاءَ بِهِمْ بُرَيْدَة بْنُ الْحُصَيْبِ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ أَسْلَمُ وَهَذِهِ مَحَالّهَا، وَقَدْ هَاجَرَ إلَيْك مَنْ هَاجَرَ مِنْهَا وَبَقِيَ قَوْمٌ مِنْهُمْ فِي مَوَاشِيهِمْ وَمَعَاشِهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنْتُمْ مُهَاجِرُونَ حَيْثُ كُنْتُمْ. وَدَعَا الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيّ فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ كِتَابًا، فَكَتَبَ: «هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللهِ لِأَسْلَمَ، لِمَنْ آمِنْ مِنْهُمْ بِاَللهِ، وَشَهِدَ أَنّهُ لَا إلَهَ إلّا اللهُ وَأَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنّهُ آمَنَ بِأَمَانِ اللهِ، وَلَهُ ذِمّةُ اللهِ وَذِمّةُ رَسُولِهِ. وَإِنّ أَمَرْنَا وَأَمْرَكُمْ وَاحِدٌ عَلَى مَنْ دَهَمَنَا مِنْ النّاسِ بِظُلْمٍ، الْيَدُ وَاحِدَةٌ وَالنّصْرُ وَاحِدٌ، وَلِأَهْلِ بَادِيَتِهِمْ مِثْلُ مَا لِأَهْلِ قَرَارِهِمْ، وَهُمْ مُهَاجِرُونَ حَيْثُ كَانُوا» . وَكَتَبَ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيّ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نِعْمَ الرّجُلُ بُرَيْدَة بْنُ الْحُصَيْبِ لِقَوْمِهِ، عَظِيمُ الْبَرَكَةِ عَلَيْهِمْ، مَرَرْنَا بِهِ لَيْلَةً، مَرَرْنَا وَنَحْنُ مُهَاجِرُونَ إلَى الْمَدِينَةِ، فَأَسْلَمَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ مَنْ أَسْلَمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نِعْمَ الرّجُلُ بُرَيْدَة لِقَوْمِهِ وَغَيْرِ قَوْمِهِ يَا أَبَا بَكْرٍ، إنّ خَيْرَ الْقَوْمِ مَنْ كَانَ مُدَافِعًا عَنْ قَوْمِهِ مَا لَمْ يَأْثَمْ، فَإِنّ الْإِثْمَ لَا خَيْرَ [فِيهِ] .
حَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ مِحْجَنِ بْنِ وَهْبٍ [ (٢) ] ، قَالَ:
كَانَ آخِرُ مَا كَانَ بَيْنَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ كِنَانَةَ أَنّ أَنَسَ بْنَ زُنَيْمٍ الدّيلِيّ هَجَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَهُ غُلَامٌ مِنْ خُزَاعَةَ فوقع به فشجّه، فخرج
[ (١) ] غدير الأشطاط: على ثلاثة أميال من عسفان مما يلي مكة. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٣٥٢) .[ (٢) ] فى الأصل: «محجر بن وهب» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute