يُرِيدَانِ الْهِجْرَةَ وَالْقُدُومَ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَنْ مَرّ بِهِمَا فَرْوَةُ ابن هُبَيْرَةَ الْقُشَيْرِيّ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ وَهُمَا يَتَقَاوَلَانِ، فَأَخْبَرَاهُ بِمَا كَانَا فِيهِ وَمَا يُرِيدَانِ. قَالَ فَرْوَةُ: لَوْ اسْتَأْنَيْتُمْ حَتّى تَنْظُرُوا [ (١) ] مَا يَصْنَعُ قَوْمُهُ فِي هَذِهِ الْمُدّةِ الّتِي هُمْ فِيهَا وَآتِيكُمْ بِخَبَرِهِمْ! فَأَخّرُوا الْقُدُومَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَضَى فَرْوَةُ حَتّى قَدِمَ مَكّةَ فَتَحَسّبَ مِنْ أَخْبَارِهِمْ، فَإِذَا الْقَوْمُ عَلَى عَدَاوَةِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُرِيدُونَ أَنْ يَدْخُلُوا طَائِعِينَ أَبَدًا، فَخَبّرَهُمْ بِمَا أوقع محمّد بأهل خيابر. قَالَ فَرْوَةُ: وَقَدْ تَرَكْت رُؤَسَاءَ الضّاحِيَةِ عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْعَدَاوَةِ لِمُحَمّدٍ. قَالَتْ قُرَيْشٌ: فَمَا الرّأْيُ، فَأَنْتَ سَيّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ؟ قَالَ: نَقْضِي هَذِهِ الْمُدّةَ الّتِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ وَنَسْتَجْلِبُ الْعَرَبَ [ (٢) ] ، ثُمّ نَغْزُوهُ فِي عُقْرِ دَارِهِ. وَأَقَامَ أَيّامًا يُجَوّلُ فِي مَجَالِسِ قُرَيْشٍ، وَيَسْمَعُ بِهِ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدّيلِيّ، فَنَزَلَ مِنْ بَادِيَتِهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ لِقُرَيْشٍ، فَقَالَ نَوْفَلٌ: إذًا لَأَجِدُ عِنْدَكُمْ شَيْئًا! قَدِمْت الْآنَ لِمُقَدّمِك حَيْثُ بَلَغَنِي، وَلَنَا عَدُوّ قَرِيبٌ دَارُهُ، وَهُمْ عَيْبَةُ نُصْحِ مُحَمّدٍ لَا يُغَيّبُونَ عَلَيْهِ حَرْفًا مِنْ أُمُورِنَا.
قَالَ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: خُزَاعَةُ. قَالَ: قَبُحَتْ خُزَاعَةُ، قَعَدَتْ بِهَا يَمِينَهَا! قَالَ فَرْوَةُ: فَمَاذَا؟ قَالَ: اسْتَنْصَرَ قُرَيْشًا أَنْ يُعِينُونَا عَلَيْهِمْ. قَالَ فَرْوَةُ:
فَأَنَا أَكْفِيكُمْ. فَلَقِيَ رُؤَسَاءَهُمْ، صَفْوَانَ بْنَ أُمَيّةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَسُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، فَقَالَ: أَلَا تَرَوْنَ مَاذَا نَزَلَ بِكُمْ! إنّكُمْ رَضِيتُمْ أَنْ تُدَافِعُوا مُحَمّدًا بِالرّاحِ. قَالُوا: فَمَا نَصْنَعُ؟ قَالَ: تُعِينُونَ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَدُوّهِ وَعَدُوّكُمْ. قَالُوا: إذًا يَغْزُونَا مُحَمّدٌ فِي مَا لَا قبل لنا به فيوطئنا غلبة، وننزل
[ (١) ] فى الأصل: «حتى تنظرون» .[ (٢) ] فى الأصل: «واستجلاب العرب» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute