يَا إخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَعَبَدَةَ الطّوَاغِيتِ، أَتَشْتُمُونَنِي؟
قَالَ: فَجَعَلُوا يَحْلِفُونَ بِالتّوْرَاةِ الّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى: مَا فَعَلْنَا! وَيَقُولُونَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا كُنْت جَهُولًا! ثُمّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرّمَاةَ مِنْ أَصْحَابِهِ.
فَحَدّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ زُبَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا سَعْدُ، تَقَدّمَ فَارْمِهِمْ! فَتَقَدّمْت حَيْثُ تَبْلُغُهُمْ نَبْلِي، وَمَعِي نَيّفٌ عَلَى الْخَمْسِينَ، فَرَمَيْنَاهُمْ سَاعَةً وَكَأَنّ نَبْلَنَا مِثْلُ [ (١) ] جَرَادٍ، فَانْجَحَرُوا فَلَمْ يَطْلُعْ مِنْهُمْ أَحَدٌ. وَأَشْفَقْنَا عَلَى نَبْلِنَا أَنْ يَذْهَبَ، فَجَعَلْنَا نَرْمِي بَعْضَهَا [ (٢) ] وَنُمْسِكُ الْبَعْضَ. فَكَانَ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو الْمَازِنِيّ- وَكَانَ رَامِيًا- يَقُولُ: رَمَيْت يَوْمَئِذٍ بِمَا فِي كِنَانَتِي، حَتّى أَمْسَكْنَا عَنْهُمْ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ اللّيْلِ. قَالَ: وَقَدْ رَمَوْنَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ عَلَى فَرَسِهِ عَلَيْهِ السّلَاحُ، وَأَصْحَابُ الْخَيْلِ حَوْلَهُ، ثُمّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْصَرَفْنَا إلَى مَنْزِلِنَا وَعَسْكَرْنَا فَبِتْنَا، وَكَانَ طَعَامُنَا تَمْرًا بَعَثَ بِهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، أَحْمَالَ تَمْرٍ، فَبِتْنَا [ (٣) ] نَأْكُلُ مِنْهَا، وَلَقَدْ رُئِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَأْكُلُونَ مِنْ ذَلِكَ التّمْرِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: نِعْمَ الطّعَامُ التّمْرُ!
وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشَاءً، فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُصَلّ حَتّى جَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ صَلّى، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا عَابَ عَلَى أَحَدٍ صَلّى، وَلَا عَلَى أَحَدٍ لَمْ يُصَلّ حتى بلغ بنى قريظة. ثم غدونا
[ (١) ] فى ب: «رجل من جراد» .[ (٢) ] فى ب: «يرمى بعضنا ويمسك بعض» .[ (٣) ] فى الأصل: «فبينا» ، وما أثبتناه من ب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute