وقال في شفاعتِهِ العُظْمَى لَّما يسجدُ بين يدي ربِّه ويشفعُ:"فَيَحُدُّ لي حدًّا فأُدْخِلُهُمُ الجنَّة"(٢).
فشفاعتُه في حدٍّ محدودٍ، يحدّهم اللهُ ـ سبحانه ـ له، لا تُجاوِزُهُمْ (٣) شَفَاعتُه. فمِنْ أينَ يُقال: إنَّ الولدَ يشفعُ لوالدِهِ، فإذا لم يَعُقَّ عنه، حُبِسَ عن الشَّفاعَةِ له؟ ولا يُقال لمن لم يشفع لغيره: إنَّه مُرْتَهَنٌ، ولا في اللفظ ما يدلُّ على ذلك.
واللهُ ـ سبحانه ـ يخبر عن ارتهان العبد بكَسْبِهِ، كما قال الله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر/ ٣٨]. وقال تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا}[الأنعام/ ٧٠].
فالمرتَهنُ هو المحبوسُ، إمَّا بفعلٍ منه، أو فعلٍ من غيره، وأمَّا مَنْ لم يشفع لغيره، فلا يُقال له: مرتهنٌ على الإطلاق، بل المرتَهَنُ هو
(١) أخرجه مسلم في الموضع السابق، برقم (٢٠٣ و ٢٠٤). (٢) أخرجه البخاري في التفسير، تفسير سورة البقرة، باب {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}: ٨/ ١٦٠، ومسلم في الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة: ١/ ١٨١ برقم (١٩٣). (٣) في "ج": يجاوزهم.