مشركين؛ لأن هذا في غزوة الحُدَيْبِيَةِ. فأرى معنى قوله - والله أعلم - أن من قال:«مُطِرْنا بفضل الله ورحمته» فذلك إيمان بالله، عز وجل؛ لأنه يعلم أنه لا يُمطِر ولا يُعطِي إلا الله. وأما من قال:«مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا» - على ما كان بعض أهل الشرك يَعْنُونَ من إضافة المطر إلى أنّه أَمْطرَه نوءُ كذا - فذلك كفر، كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم؛ لأن النَّوْء: وقت، والوقت مَخْلُوقٌ لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً، ولا يُمْطِرُ ولا يصنع شيئاً. فأما من قال:«مُطِرْنا بنوء كذا» على معنى مطرنا في نَوْء وقت (١) كذا - فإنما ذلك كقوله: مطرنا في شهر كذا، فلا يكون هذا كفراً. وغيره من الكلام أحبُّ إليَّ منه، أُحِبُّ أن يقول: مطرنا في وقت (٢) كذا.
قال: وبلغني أن بعض (٣) أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان إذا أصبح وقد مطر الناس قال: مطرنا بنوء الفتح، ثم يقرأ {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا (٤)}.
قال الشافعي: وقد روى عن «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، أنه قال يوم جمعة وهو على المنبر: كم بقي من نَوْء الثُّرَيَّا؟ فقام العباس فقال: لم يبق منه شيء إلا العَوَّا (٥) فدعا، ودعا الناس حتى نزل عن المنبر فَمُطِرَ مَطراً أَحْيَا
(١) في ا: «في وقت بنوء». (٢) في ا: «في شهر كذا، فلا يكون هذا كفرا وغيره من الكلام وبلغني أن بعض» وهو خطأ. (٣) هو أبو هريرة، جاء في الدر المنثور ٥/ ٢٤٤ «أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب قال: سمعت مالكا يحدث أن أبا هريرة كان إذا أصبح ... الخ». (٤) سورة فاطر ٢. (٥) الأزمنة والأمكنة للمرزوقي ١/ ١٩١، والأنواء لابن قتيبة ١٤.