أفعال الحج في أشهر١. وقوله:{فَصِيَامُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} ٢، فتقديره: في إحرام الحج٣. وقوله:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} ٤، ومعناه: فحلق ففدية٥، وكقوله تعالى:{فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} ٦، فنبه بذلك على تحريم الضرب والشتم؛ لأنه إنما منع من التأفيف لما فيه من الأذى، وذلك في الضرب أعظم، وجب أن يكون بالمنع أولى، ويسمى هذا القسم: فحوى الخطاب.
وقال بعض أهل اللغة: اشتق ذلك من تسميتهم الأبزار فحافحًا، ويقال:"فح قدرك يا هذا"، فسمي فحوى؛ لأنه يظهر معنى اللفظ كما تظهر الأبزار طعم الطبيخ ورائحته.
ويسمى أيضًا لحن القول؛ لأن لحن القول ما فهم منه بضرب من الفطنة. يقال: لحنت فلانًا إذا كلمته بكلام يعلمه ولا يعلمه غيره. ورجلان تلاحنا، إذا فعلا مثل ذلك. ومنه قوله تعالى:{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} ٧.وقال الشاعر:
١ وهناك تقديران آخران هما: أولا: الحج حج أشهر معلومات. ثانيًا: أشهر الحج أشهر معلومات. على أنه يمكن أن تفهم الآية من غير تقدير، وذلك بجعل الأشهر نفس الحج؛ لأن الحج يقع فيها. راجع" التفسير الكبير" للفخر الرازي "٥/ ١٦٠". ٢ "١٩٦" سورة البقرة. ٣ وقدَّرَهُ الفخر الرازي بقوله: فعليه ثلاثة أيام وقت اشتغاله بالحج "٥/ ١٥٥" من تفسيره. ٤ "١٩٦" سورة البقرة. ٥ قدَّر ذلك الفخر الرازي في تفسيره "٥/ ١٥١" بقوله: "فحلق فعليه فدية". ٦ "٢٣" سورة الإسراء. ٧ "٣٠" سورة محمد.