به بعيره، فقال: أين نزلتم؟ قالوا: بأوطاس قال: نعم مجال الخيل، لا حزن شرس (١)، ولا سهل دهس (٢) فما لي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، وثغاء الشاء (٣)؟ قالوا: ساق مالك بن عوف مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم قال: أين مالك؟ قالوا: هذا مالك قد عنَّ له. فقال: يا مالك، إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام، ما لي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، وثغاء الشاء (٣)؟ قال: سقت مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم. قال: ولم؟ قال: أردت أن أجعل خلف كلِّ رجل أهله وماله ليقاتل عنهم. فأنقض (٤) به دريد وقال: راعي ضأنٍ والله! وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك!
ثم [قال (٥)]: ما فعلت كعب وكلاب؟ قالوا: لم يشهدها منهم أحد.
قال: غاب (٦) الجد والحد، لو كان يوم رفعة (٧) لم يغب عنه كعب وكلاب، وددت أنكم فعلتم مثل ما فعلوا. قال: فمن شهدها منكم (٨)؟ قالوا: عمرو (٩) بن
(١) الشرس: الغليظ. وفي السيرة. ٨٤ وإمتاع الأسماع ١: ٤٠٢ واللسان (دهس): «لا حزن ضرس». (٢) الدهس: اللين السهل. (٣) السيرة: «ويعار الشاء». (٤) ا: «فانتفض به»: ب «فانتقض به» والصواب ما أثبت من السيرة ٨٤١ وإمتاع الأسماع. وفي اللسان (نقض): «قال الخطابي: وفي حديث هوازن: فأنقض به دريد، أي تقر بلسانه في فيه كما يزجر الحمار. فعله استجهالا». (٥) التكملة من السيرة. (٦) في النسختين: «غلا»، والصواب من السيرة. الجد: الحظ. والحد: البأس والنفاذ في النجدة. (٧) في النسختين: «وقعة». وفي السيرة: «يوم علاء ورفعة». (٨) كذا في السيرة. وفي النسختين: «منهم». (٩) في النسختين: «عمر»، صوابه من السيرة.