كان الحارث بن أبي شمر (٢) الغساني لما قتل المنذر بن ماء السماء بعث رجلاً من أهل بيته يقال له الأبرد، فنزل بين العراق والشام، وكان يسمى المليك - أي ليس بملك تامٍ - فأتاه عبد عمرو (٣) فامتدحه، فوصله، فلم يرض صلته، فهجاه فقال:
كأنَّ ثناياه إذا افترَّ ضاحكاً … رؤوس جراد في رؤوس تحسحس (٤)
فقال: ويلكم، ائتوني بجراد. فأتى بجراد فأمر به فوضع على النار، فرآهن يتحركن، فقال: ويلكم، إن ابن عمار لم يهجنى ولكن سلح علىّ! وكان مما هجاه به أيضا قوله:
قل للذي خيره دون الصهاقيم … ومنطنى عندنا أحلى من الدبس (٥)
لو كنت كلبَ قنيص كنت ذا جدد … قبح ذا وجه أنفٍ ثمَّ منتكس (٦)
(١) ذكره ابن دريد في الاشتقاق ٢٣٥. وهو عبد عمرو بن عمار بن أمتي، شاعر جاهلي. وفيه يقول الأعشى: جار ابن حيا لمن نالته ذمته … أوفى وأمنع من جار ابن عمار (٢) شمر، بفتح فكسر. يعين ذلك قول عمرو بن كلثوم: هلا عطفت على أخيك إذا دعا … بالثكل ويل أبيك يا ابن أبي شمر فذق الذي جشمت نفسك واعترف … فيها أخاك وعامر بن أبي حجر كامل ابن الأثير ١: ٣٢٥. وحجر بضم الجيم اتباعا للحاء. (٣) في النسختين: «عبد بن عمرو»، تحريف. (٤) حسحسه: وضعه على الجمر. في النسختين: «يخسخس»، تحريف. (٥) كذا ورد البيت. ولم أجده في مرجع مما لدى. (٦) الجدد، بالكسر: جمع جدة بالكسر، وهي القلادة في عنق الكلب. في النسختين: «فنح» صوابه من مجالس ثعلب ٤٨٤. وفي الأغانى ٢١: ١٢٥: «قبحت ذا أنف وجه». ورواه ثعلب مرة أخرى «قبح ذا الوجه أنفا». على أن البيت ملفق من بيتين وعجز صدره كما في الأغانى والمجالس واللسان ٨: ١٠٠: