فخطبها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت: إنّى قد جعلت على نفسي ما لا أقدر [معه] على التزويج. فقال: استفتى ابن أبي طالب رضى اللّه عنه.
فاستفتته فقال: ردي عليهم ما أخذته منهم وتزوجي. فردت الحديقة، فتزوجها عمر رضي الله عنه، فلما دخل بها أولم، فدنا علي رضي الله عنه من خدرها وقال:
فآليتُ لا تنفك عيني سخينةً … عليك ولا ينفكُّ جلديَ أغبرا!
فبكت، فقال عمر: ما أردت إلا أن تفسد علينا أهلنا (١). ويقال قال هذه المقالة لها عبد الرحمن بن أبي بكر. فلما قتل عمر قالت:
فجعني فيروزُ لا درَّ درهُ … بأبيضَ تالٍ للقرآنِ منيبِ
رؤوف على الأدنى غليظٍ على العدى … أخي ثقةٍ في النائباتِ نجيبِ
متى ما يقل لا يكذب القولَ فعله … سريع إلى الخيرات غير قطوب
وقالت:
عينُ جودي بعبرة ونحيب … لا تملي على الإمام النجيب
فجعتني المنونُ بالفارس المق … دم يوم الهياج والتذبيب (٢)
عصمةِ الناس والمعين على الده … ر وغيثُ المنتاب والمحروب
قل لأهل الضراءِ والبأس موتوا … قد سقته المنونُ كأس شعوبِ
فخطبها طلحة بن عبيد الله، فمشى في أمرها هبار بن الأسود فأفسد عليه، فتزوجها الزبير بن العوام، فنهاها عن الخروج إلى المسجد فقالت: أتنهاني عن الخروج إلى الصلاة وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا تمنعوا إماء اللّه من مساجد الله». فأعرض عن ذلك أياماً ثم قعد لها في طريقها ليلاً، فلما مرت به ضرب عجيزتها بيده - وكانت عظيمة العجيزة جميلة - فرجعت إلى بيتها واسترجعت وقالت: سوأة، إنا لله. وتركت الخروج، فقال لها الزبير: مالك تركت
(١) في الأصل: «أهلها». (٢) التذبيب: إكثار الذب والدفع. وفي الأغانى: «التلبيب».