تقول العرب (١): ما تزال تحفظ أخاك حتى يأخذ القناة فعند ذلك يفضحك أو يمدحك. نقول: إذا قام الخطيب والقناة بيده فقد قام المقام الذي يخرج منه (٢) مذموماً أو محمودا.
وقال جرير بن عطية:
من للقفاة إذا ما عيَّ قائلها … أم للأعنَّة يا عمرو بن عمار (٣)
عن عبد الله بن رؤبة بن العجاج قال: سأل رجل رؤبة عن أخطب بني تميم، فقال: خداش بن لبيد بن بيبة بن خالد. يعنى البعيث الشاعر. وإنما قيل له البعيث لقوله:
تبعَّث مني ما تبعَّث بعد ما … أمرَّتْ حبالي كلَّ مرَّتها شزرا (٤)
قال أبو اليقظان: كانوا يقولون: أخطب بني تميم البعيث إذا أخذ القناة فهزها ثم اعتمد بها على الأرض ثم رفعها. يريد بالقناة العصا.
قال يونس: لئن كان مغلبا في الشعر لقد غلب في الخطب (٥).
العرب تقول: اعتصى بالسيف، إذا جعل السيف عصاً. وقال عمرو بن الإطنابة:
وفتًى يضرب الكتيبةَ بالسَّي … فِ إذا كانت السيوفُ عصيا (٦)
وقال [عمرو بن (٧)] محرز:
نزلوا إليهم والسيوفُ عصيُّهم … وتذكّروا دمناً (٨) لهم وذحولا
(١) هو قول أبى المجيب الربعي، كما في البيان ١: ٣٧٣/ ٢: ١٠. (٢) في البيان: «الذي لا بدّ من أن يخرج منه». (٣) نبهت في البيان أن صواب روايته: «يا عقب بن عمار». انظر ديوان جرير ٢٣٦ - ٢٣٧. (٤) البيان ١: ٣٧٤/ ٣: ١٠. (٥) انظر البيان ١: ٣٧٤/ ٢: ٣١٢/ ٣: ١١. (٦) البيان ٣: ٧٧ والأغانى ١٠: ٢٨. (٧) التكملة من الأغانى ١٠: ٢٨ ولم ترد في الأصل ولا في خ. (٨) الدمن: جمع دمنة، وهو الحقد القديم. والذحول: جمع ذحل، وهو الثأر.