وقوله تعالى:{وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ}((١)) وقوله تعالى: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ}((٢)) يحملان المعنى ذاته في تواصل الرسالة بين موسى ومحمد ـ عَلَيْهما الصَلاة والسَّلام ـ.
أما قوله تعالى:{لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ}((٣)) فهو نص خاص بأن رسالة مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) كانت متواصلة مع رسالة موسى (- عليه السلام -) من خلال سياق الفعل المضارع (لتنذر) .
وقوله تعالى:{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ}((٤)) خاص بأن عدم الاستجابة لرسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) مثل عدم الاستجابة التي قام بها فرعون وقومه لموسى (- عليه السلام -) في العاقبة والمآل. وقوله تعالى:{إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِين}((٥)) من أعظم الأدلة على صدق ما عرضنا في هذا المطلب كون هؤلاء الذين أوتوا الكتاب من قبل مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) كانوا من قبل مسلمين، وهذا دليل ما بعده دليل على المناسبة التواصلية بين الرسالتين.
وقوله تعالى:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً}((٦)) مما اختلفت فيه العلماء بين أن يكون أمها (أم القرى) ، أو أي مدينة كبيرة على ما قدمنا بيان ذلك فيما مضى، فإذا كان النص محتملاً لهذه المعاني المتواصلة المتقاربة دل على صدق الرسالتين، رسالة مُحَمَّد (- صلى الله عليه وسلم -) ، ورسالة موسى (- عليه السلام -) .