الفصل الثاني: وقفات بين يدي السّورة
المبحث الأول: نظرات توجيهية في سُوْرَة الْقَصَصِ
[المطلب الأول: توجيه المعنى في ذاتية السورة]
من الواضح للعيان أن السمة الغالبة على سورة القصص هي نظام الجملة الطويلة، المؤدية للبيان في تفخيم اللفظ وتعظيم المعنى، وذلك أن اختلاف سياق قصة نبي الله موسى (- عليه السلام -) فيها، يختلف كل الاختلاف عن قصة النبي الكريم نفسه في باقي مواضعها من القرآن الكريم.
وقد علل ذلك الدكتور راجي رفاعي بقوله: " وقصة نبي الله موسى (- عليه السلام -) في سورة القصص تأخذ بعداً شمولياً مؤدياً لذاتية حقيقة القصة في إطالة مقصودة بذاتها، لتشمل فيما تشمله من أشياء:
أولاً: زيادة التبيين للسياق الذي تسير فيه القصة بأسلوب جديد.
ثانياً: الإكثار من ذكر الجزئيّات القصصية التي لم تعرف من قبل.
ثالثاً: إعادة الرواية الحقيقية التي حرفت في التوراة المنحولة " ((١)) .
ونحن نوافق هذا الباحث فيما ذهب إليه، ونزيد عليه في توجيه المعنى الذي هو:
(الأخذ بسياق النص نحو إبراز تأويلاته المؤدية إلى معناه) ((٢)) . بأن نحاول بناء مخطط بياني بخطوط عريضة لذاتية سورة القصص، فهذا المخطط سوف يشمل ((٣)) :
علو فرعون في الأرض.
استضعاف بني إسرائيل.
ولادة موسى (- عليه السلام -) والتقاط آل فرعون له.
قصة إرضاع موسى (- عليه السلام -) .
حادثة قتل موسى (- عليه السلام -) لعدوه.
هم موسى (- عليه السلام -) بالبطش بالعدو الآخر.
خروج موسى من المدينة بعد التآمر عليه.
وصول موسى (- عليه السلام -) إلى مدين وسقيه الماء للمرأتين.
زواج موسى (- عليه السلام -) من بنت شعيب (- عليه السلام -) .
(١) موسى (- عليه السلام -) في الكتاب والسنة. د. راجي رفاعي. الطبعة الأولى. دار النشر الأكاديمية. القاهرة. ١٩٩٢ م: ص٢٣٨. وراجع قصص الأنبياء في المرويات الإسلامية. دراسة مقارنة. فهيمة مُحَمَّد علي. الطبعة الأولى. . دار الشرق. القاهرة. ١٩٩٤ م: ص ٢٩٩. إذ تؤيد مؤلفته ما نقلناه بقولها: " إن في سُوْرَة الْقَصَصِ انسجاماً في إعطاء تشخيص كلي لصورة موسى عليه الصلاة والسلام ".
(٢) التحليل التطبيقي للنصوص. حكيمة محسن. الطبعة الثانية. مكتبة الفكر. بيروت، لبنان. ١٩٨٨ م: ص ٣٣٧.
(٣) استناداً إلى السورة نفسها.