واختارَهُ الإمامُ وَنَسَبَهُ إلى المحققينَ، إِلا أَنْ يَخَافَ هَلاكَ المَاشِيَةِ فَيَجِبُ بَذلهُ بالْقِيمَةِ، لِحُرمَةِ الرُّوْح، وَمَحِلُّ الْخِلافِ أَنْ لا يَجِدَ صَاحِبُ الْمَاشِيَةِ ماء مُبَاحًا، وأن يكون هناك كلأً يرعى، وأن يكون الماءُ في مستقرهِ وإلا فلا يجب؛ وفيهما وجه ضعيف، واشترطَ الماوردي أيضًا ألا يكونَ عليهِ فِي وُصُولِ (•) الماشيةِ إلى مائِهِ ضَرَر بِزَرْع وَلَا شَجَرِ؛ فإن استُضرَّ بها سقط حق تمكينها من المكانِ، وقيل لأربابها: إنْ أَمْكَنَكُمْ سَوْقُ الماءِ إليها حيثُ يَأمَنُ على زَرْعِهِ وَشَجَرِهِ فلزومُ بَذْلِهِ باقٍ عليهِ، وعليه تَمْكِينُكُمْ من استيفاء الفضل من مائِهِ وسوقه إلى ماشيتكم وإن لم يُمْكِنكُمْ سَقطَ عنهُ وجوبُ البدلِ، قُلْتُ: والمرادُ بالبذلِ التخْلِيَةُ بَينَ رَبِّ المَاشِيَةِ وَالبِئْرِ.
وَالْقناةُ المشتَرَكَةُ يُقْسَمُ مَاؤُهَا بِنَصبِ خَشَبَةِ فِي عَرْضِ النهرِ فيهَا ثقَبٌ مُتَسَاوية أَو مُتَفَاوتَة عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ، لأنَّ بذلك يَصِلُ الحقُّ إلى مستحقهِ، ويجوزُ أن تكونَ الثُّقَبُ متساويةً مَعَ تَفَاوُتِ الحقوقِ، إلا أن صَاحِبَ الثُلُثِ يَأخُذُ ثُقبَةً وَالآخَرُ ثُقْبَتَينِ، وقوله (ثُقَبْ) هو بالثاءِ المثلثةِ كما هو بِخَط مُؤلّفِهِ وتجوزُ قراءتُهُ بالنونِ أيضًا، وَلَهُمُ، أي للشركاء، الْقِسْمَةُ مُهَايَأة، أي ليسقي كل منهم يومًا كالمهاياةِ في النافع، وقد يكونُ الماءُ قليلًا لا يُنتفَعُ بِهِ إلا كَذَلِكَ، وخالفت المهاياة في لَبَنِ الْحَلُوبِ لأنهُ مَجْهُول.