وَادَعَ يَهُودَ خَيْبرَ وَقَالَ:[أُقِرُّكُمْ مَا أقَرَّكُمُ اللهُ] رواه البخاري من حديث ابن عمر (٣٨٠)، لكن لو اقتصر الإمام اليوم على هذه اللفظة فسد العقد، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يعلم ما عند الله بالوحي بخلاف غيره، وَمَتَى صَحَّتْ، يعني الهدنة، وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَوْ يَنْقُضُوهَا بِتَصْرِيْحٍ أَوْ قِتَالِنَا، أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لَنَا، أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ، قال تعالى:{فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ}(٣٨١) وقال: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}(٣٨٢)، وَإِذَا انْتَقَضَتْ جَازَتِ الإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَبَيَاتُهُمْ، أي إذا كانوا في بلادهم؛ وسواء علموا أن ما أتوا به ينقض العهد أو لم يعلموا، قال الرافعي: وينبغي أن يقال إذا لم يعلموا أنه خيانة لا ينتقض العهد إلا إذا كان المفعول مما لا يشك في مضادته الهدنة كالقتال، أما من دخل دارنا بأمان أو بمهادنة فلا يغتالوا إن انتقض عهده بل يبلغ المأمن.
وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُنْكِرِ الْبَاقُونَ بِقَوْلِ وَلاَ فِعْلٍ، أي بل ساكنوهم وسكتوا، انْتَقَضَ فِيْهِمْ أيضًا، لأن سكوت الباقين يشعر بالرضى فجعل نقضًا منهم، كما أن هدنة البعض وسكوت الباقين هدنة في حق الكل، وَإِنْ أَنْكَرُواْ باعْتِزَالِهِمْ أَوْ إِعْلاَمِ الإِمَامِ بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ فَلاَ، لقوله تعالى:{أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ}(٣٨٣).