والأصح: المنعُ؛ لأنَّها من بلاد الحجاز، وَلَوْ دَخَلَ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِمَامِ أَخْرَجَهُ وَعَزَّرَهُ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ، لِتَجَرُّئِهِ ودخولهِ ما ليسَ له دخولُه، فَإنِ اسْتَأْذَنَ، أي في دخوله، أَذِنَ، أي الإمام أو نائبه في ذلك، إِنْ كَانَ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِيْنَ كَرِسَالَةٍ وَحَمْلِ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ، أي وكذا عقد هدنة أو ذمة، فَإنْ كَانَ لِتِجَارَةٍ لَيْسَ فِيْهَا كَبِيْرُ حَاجَةٍ لَمْ يَأْذَنْ إِلاَّ بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا، أي وقَدَرُهُ راجع إلى رأي الإمام، وَلاَ يُقِيْمُ إلاَّ ثَلاَثَةَ أَيَامٍ، اقتداءً بالفاروق - رضي الله عنه - (٣٦٤)، وَيُمْنَعُ دُخُولَ حَرَمِ مَكَّةَ، لقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}(٣٦٥) والمراد به هنا جميع الحرم بدليل قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} أَيِ انْقِطَاعَ التِّجَارَةِ عَنْكُمُ، ومعلوم أن الجلَب ليس إلى المسجد نفسه وقد سلف في الحج حد حرم مكة، فَإِنْ كَانَ رَسُولًا خَرَجَ إِلَيْهِ الإِمَامُ أَوْ نَائِبٌ يَسْمَعُهُ، حسمًا للباب، وَإِنْ مَرِضَ فِيْهِ نُقِلَ، وَإِنْ خِيْفَ مَوْتُهُ، أي من النَّقْلِ؛ لأنه ممنوع من الإقامة، فَإِنْ مَاتَ لَمْ يُدْفَنْ فِيْهِ، فَإِنْ دُفِنَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ, لأن بقاء جيفته أشد من دخوله فيها حيًا، وهذا إذا لم يَتَقَطَّعْ؛ فإنْ تَقَطَّعَ تَرَكَهُ، وَإِن مَرِضَ في غَيْرِهِ, أي في غير الحرم، مِنَ الْحِجَازِ وَعَظُمَتِ الْمَشَقَّةُ في نَقْلِهِ تُرِكَ وَإِلاَّ نُقِلَ، فَإِنْ مَاتَ وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ دُفِنَ هُنَاكَ، للضرورة.
فَرْعٌ: حَرَمُ المدينة لا يلحق بحرم الكعبة فيما ذكرنا، لكن استحسن الروياني أن يَخْرُجَ منه إذا لم يتعذر الإخراج ويدفن خارجه، وفي الذخائر أن بعض أصحابنا ألحق المدينة وحرمها بحرم مكة.