وهذا كمن يريد أن يثبت [حل جميع](١) الملاهي لكل أحد؛ والتقرب بها إلي الله؛ بكون جاريتين غنتا عند عائشة -رضي الله عنها- في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢) يوم عيد، مع كون وجهه كان مصروفاً إلى الحائط لا إليها (٣).
أو يحتج على اسستماع كل قول بقوله: {فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٧ - ١٨]، ولا يدري أن القول هنا هو القرآن، كما في قوله (٤): {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨)} [المؤمنون: ٦٨]، (وإلا فمسلم [أنه] (٥) لا يسوغ) (٦) استماع كل قول، وقد نهى الله -عز وجل- عن الجلوس جمع الخائضين في آياته، وخوضهم نوع من القول فقال تعالى:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}(٧)[الأنعام: ٦٨]، وقال:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ}[النساء: ١٤٠]، وقال:{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}[الفرقان: ٧٢]، وقال تعالى:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}[القصص: ٥٥].
فصل
قال: (وقد أجمع العلماء كما حكاه من يرجع إليه، على أن كل مسلم
(١) كذا في (ف) و (د) و (ح) وفي الأصل (جميع حل). (٢) في (ف) زاد (في). (٣) يشير إلى حديث عائشة عند البخاري قالت: دخل أبو بكر، وعند جاريتان من جواري الأنصار، تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا بكر، إن لكل قوم عبداً، وهذا عيدنا" (كتاب العيدين، باب سنة العيدين لأهل الإسلام) ١/ ٢٨٦ رقم ٩٥٢. (٤) انظر: تفسير هذه الآية في الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٥/ ٢٤٤، وذكر المؤلف في مجموع الفتاوي ١٦/ ٥: أنه قول سلف الأمة وأئمتها وأطال في تفسيرها. (٥) كذا في (ح)، وفي (د) (أن)، وسقط من الأصل و (ف). (٦) ما بين القوسين في (د) (ولا نسلم أن يسوغ). (٧) في (د) {حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ...} الآية.