[والتخصيص والتفضيل يظهر في الوفاء به ومتابعة الرسل، ولهذا](١) قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}[البقرة: ٤٠]، أي: أوفوا بأمري أوفِ بوعدكم الذي وعدتكم (٢)، فإن المعاهدة والمبايعة (٣)، تتضمن المعاوضة من الجانبين فهم إذا أوفوا بما عاهدوا الله عليه من الطاعة، وفى الله -تعالى- بما عاهد عليه من الأجر والثواب كما قالت الأنصار لما قالت (٤) للنبي - صلى الله عليه وسلم -:
اشترط لربك ولنفسك ولأصحابك، فقال:"أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، ولنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أبناءكم ونساءكم، ولأصحابي أن تواسوهم"، قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال:"لكم الجنة"، قالوا: أمدد يدك، فوالله لا نقيلك لا نستقيلك (٥).
فهم لما عاهدوه على هذا ليطيعوه فيه، قد عاهدوا ربه -عز وجل- الذي أمرهم بذلك، والله -تعالى- هو الذي يوفي بعهدهم فيدخلهم الجنة.
وفي الحديث الصحيح عن شداد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "سيد
(١) ما بين المعقوفتين من (د) وسقط من الأصل و (ف) و (ح). (٢) في (د) على الوفاء به. (٣) في (د) المبايعة والمعاهدة. (٤) (قالت) سقطت من (د). (٥) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٤/ ١١٩ - ١٢٠ من حديث ابن مسعود البدري ولفظه: " ... فقال قائلهم -أي الأنصار وهو أبو أمامة- سل يا محمد لربك ما شئت ثم سل لنفسك ولأصحابك ما شئت، ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على الله -عز وجل- وعليكم إذا فعلنا ذلك، فقال: "أسالكم لربي ... ، وأسالكم لنفسي وأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم"، قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: لكم الجنة، قالوا: فلك ذلك". قال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٦/ ٤٨ طبعة ١٤٠٨ هـ، الناشر دار الكتب العلمية بيروت لبنان: رواه أحمد مرسلا ورجاله رجال الصحيح، وذكره بعد ذلك مسنداً وفيه مجالد وفيه ضعف وحديثه حسن -إن شاء الله-. أ. هـ. وأخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة، تحقيق د. محمد رواس وعبد البر عباس (الطبعة الثالثة ١٤١٢ هـ، الناشر: دار النفائس بيروت - لبنان) ١/ ٣٠٣، ٣٠٨ رقم ٢٢٦ بلفظ قريب جداً ولم يذكر أصحابه. والطبراني في المعجم الكبير ٢/ ١٨٦ والمعجم الصغير تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان ٢/ ١١٠ (طبعة ١٣٨٨ هـ، الناشر المكتبة السلفية المدينة المنورة - السعودية) من حديث جابر بن عبد الله، ولم يذكر أصحابه، قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٦/ ٤٩: رواه الطبراني في الثلاثة ورجاله ثقات. أ. هـ.