وأشرفها عبد الله؛ لأنهُ دُعِيَ به في ذاك المقام، قال الله تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا}[الإسراء: ١]، وقال:{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا}[البقرة: ٢٣]، وقال:{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ}[الجن: ١٩]. واختار -أيضًا- أن يكونَ عبدًا رسولًا، لِعِلْمِهِ بِشَرف العبودية.
وفي هذا المعنى:
يا قوم قلبي عند زهراء ... يعرفها السَّامِعُ والرَّائِي
لا تَدْعُنِي إلَّا بِيَا عَبدَها ... فَإِنَهُ أشرَفُ أَسْمَائِي
والعبوديةُ هي المرتبةُ الحَقِيقِيَّةُ، فلهذا شرُفَتْ.
قال أبو علي الدَّقاق:"ليسَ شيء أفضل من العبودية، ولا اسمٌ أتمَّ للمؤمن من الوَصفِ به"(١).
و"الحبيب": فعيل مِن الحُبِّ، وهو نقيضُ البُغض، يقال: أَحَبَّهُ فهو مُحَبٌّ. وحَبَّه يَحِبُّه -بالكسر- فهو محبُوبٌ.
قال الجوهري:"وهذا شاذٌّ؛ [لأنَّهُ](٢) لا يَأتي في المضاعف يَفْعِل -بالكسر- إلَّا ويَشْرَكُهُ يَفْعُلُ -بالضمِّ- إذا كان مُتَعَدِّيًا، ما خَلَا هذا الحرف"(٣).
و"حبيب الله تعالى": مَنْ أحبَّهُ، بدليل قوله:{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة: ٥٤]، ومحبة الله على حسب المعرفة به، وأعرفُ الناس به: نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو
= ولابن فارس -صاحب "مقاييس اللغة"- رسالة مطبوعة بعنوان "أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعانيها"، وابن القيم ذكر أسماءه - صلى الله عليه وسلم - وبيَّن معانيها في كتابه النافع الماتع "زاد المعاد" (١/ ٨٦ - ٩٧). (١) رواه القشيري في "الرسالة القشيرية" (٣٤٦). (٢) ما بين المعقوفتين من "الصِّحاح". (٣) "الصحاح" (١/ ١٠٥).