وحَمَلَهُ عامةُ الفقهاء على الأدب، وأَنَّها مِن مكارم الأخلاق، ومحاسن الدِّين، وقد قال -عليه الصَّلاة والسلام-: " ... جائِزَتُهُ يومٌ ولَيْلَةٌ"(١)، والجائِزة: العَطِيَّة والمِنْحَة والصِّلة، وذلك لا يكون إلَّا مع الاختيار، وقلَّ استعمالها في الواجب، وقوله:"فليُكرم" يدلُّ عليه، وقد قَرَنَهُ بإكرام الجار.
وتأَوَّلوا الأحاديث على أنها كانت في أوَّل الإسلام، إذْ كانت المواساةُ واجبةً.
أَوْ كانَ ذلِكَ للمجاهدينَ في أَوَّلِ الإسلام لقِلَّةِ الأَزْوَادِ.
أو المُرادُ بهِ: مَن لَزِمَتْهُ الضيافة من أهل الذِّمةِ.
واخْتُلِفَ: هل الضيافة على الحاضر والبادي، أم على البادي فقط؟
فذهب الشَّافعي ومحمد بن عبد الحكم (٢) إلى الأُولى.
وقال مالك وسحنون بالثَّاني، وقد جاء في حديثٍ:"الضِّيافَةُ على أهلِ الوَبَرِ، وَلَيْسَتْ عَلَى أَهْلِ المَدَر"(٣) لكنَّهُ عندَ أهلِ المعرِفةِ موضوعٌ كَمَا نَقَلَهُ القَاضي، قال:"وقد تتعيَّن الضيافة لمن اجتاز مُحْتاجًا وخِيفَ عليه الهلاك، وعلى أهل الذِّمَّة إذا اشتُرِطَت عليهم"(٤).
(١) رواه البُخاريّ (٨/ ١١ رقم ٦٠١٩)، ومسلم (١/ ٦٩ رقم ٤٨) من حديث أبي شُريح الخُزَاعِي - رضي الله عنه -. (٢) في الأصل: "محمد بن الحسن"! والتصويب من "إكمال المُعْلِم" (١/ ٢٨٦)، و"المُفْهِم" (١/ ٢٣٠)، و"شرح النووي" (٢/ ٣٧٨)، و"المنهج المبين" (٣٢٠). (٣) رواه ابن عدي في "الكامل" (١/ ٢٧٣)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (١/ ١٩٠ رقم ٢٨٤) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - من طريق إبراهيم بن عبد الله، وقد كذَّبه الدارقطني، وأحاديثه مناكير كما قال ابن عدي. انظر: "الميزان" (١/ ٤٢). والحديث كما ذكر المؤلف موضوعٌ، انظر: "السلسلة الضعيفة" (٢/ ٢٠٦ رقم ٧٩١). (٤) "إكمال المُعْلِم" تأليفه (١/ ٢٨٦). وانظر: "المُغني" لابن قدامة (١٣/ ٣٥٢ - ٣٥٤).