ففيه أنَّ المؤمنَ مع المؤمنِ كالنَّفسِ الواحدةِ، فعلَيْهِ كَفُّ الأذَى والمكروه، والمواساة، ويحصل منه الائتلاف والانتظام، وهو قاعِدَةُ الإسلام المُوصى بها في قوله سبحانه وتعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران: ١٠٣]، ولا شكَّ أنَّ النَّفسَ الشَّريفَةَ تُحِب الإحسانَ وتجتنبُ الأذى؛ فإذا فعل ذلك حصلت الألفَة وانتَظَمَ حَالُ المَعَاش والمعاد، ومشت أحوال العباد.
ثم لا بُدَّ أنْ يكونَ المعنى فيما يُباح، وإلَّا فقد يكون غيره ممنوعًا منهُ وهو مباح له.
قال أبو الزناد:"ظاهر الحديث التَّساوي، وحقيقته التَّفضِيل؛ لأَنَّ الإنسان يحِبُّ أنْ يكُونَ أفضَلَ الناس، وإذا أَحَبَّ لأَخيهِ مِثلَهُ فقد دَخَلَ في جُمْلَةِ المَفْضولِين"(٢).
* * *
(١) رواه أحمد (٢٥/ ٢٢٠ رقم ١٥٨٨٥)، (٣٨/ ٢٣٢ رقم ٢٣١٦٤)، (٤٥/ ١٣١ رقم ٢٧١٥٣)، والطبراني في "الكبير" (١٩/ ٢٠٩ رقم ٤٧٣ - ٤٧٦) عن أبي المُنْتَفِق - رضي الله عنه -. والحديث صحَّحه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٣/ ٤٦٤ رقم ١٤٧٧). (٢) ذكره ابن بطال في "شرحه للبخاري" (١/ ٦٥)، والقاضي في "إكمال المعلم" (١/ ٢٨٢).