ولكَ أن تقولَ: الدِّينُ محصُورٌ فيها، فإن مِنْ جُمْلَتِها طاعةُ اللهِ ورسوله، والإيمان والعمل بما قالاهُ (١) مِن كِتَابٍ وسُنَّةٍ، وليسَ وراء ذلِكَ معنى الدِّين.
وقد سَلَفَ في "حديث جبريل"(٢) أنَّ الدِّينَ هو: الإسلام، والإيمان، والإحسان، وجميعُ ذلِكَ مُنْدَرجٌ تحتَ ما ذَكَرْناهُ مِنَ النَّصيحةِ (٣).
فنصيحةُ الله عزَّ وجلَّ: الإيمانُ به، وطاعته بالقلبِ والبَدَن.
و"لِكِتَابهِ": تعظِيمُهُ، وتوقِيرُهُ، والإيمانُ بهِ، والعملُ بما فيه.
و"لِرَسُوله": تَصْدِيقُ (٤) ما جاءَ بهِ، وإعانتُهُ على إقامةِ أمرِ ربِّهِ قَوْلًا، وعَمَلًا، واعتِقَادًا.
و"لأئِمَّةِ المسلمينَ": بالوفاءِ لهم بِعَهدِهِمْ، وتنبيهِهِمْ على مَصَالِحِ رُشْدِهم.
و"عَامَّة المسلمينَ": بذلك، وأنْ يُحِبَّ لهم ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ.
وقد أوضحتُ الكلام عليه في "شرح صحيح البخاري" فراجِعْهُ مِنْهُ (٥).
خاتمة:"النَّصيحةُ": مصدر نَصَحَ يَنْصَحُ نَصِيحَةً، ونُصْحًا -بِضَمِّ النون- فأمَّا "نصحت الثوب" فمصدره: نَصْحًا -بالفتح- وهو في اللغة: الإخلاص،
(١) في الأصل: "لاقاه"! والتصويب من "التعيين" (١٠٤). (٢) في الأصل: "جابر"! (٣) وقال ابن الصّلاح في "صيانة مسلم" (٢٢٣): "والنَّصيحةُ كلِمَةٌ جامِعةٌ تتَضَمَّنُ قيامَ النَّاصِحِ للمنصوحِ لهُ بوُجُوهِ الخير إرادةً وفِعلًا". وقال ابن الأثير في "الشَّافي" (٥/ ٥٤١) و"النهاية" (٥/ ٦٣): "النصيحة: كلمةٌ يُعَبَّرُ بها عن جملةٍ، هي: إرادةُ الخيرِ للمَنْصُوحِ له. وليس يُمْكِنُ أن يُعَبَّرَ عن هذا المعنى بكلمةٍ واحِدةٍ تَحصُرُها وتجمَعُ معانيها غيرها". (٤) في الأصل: "تصديقه". وفي "التعيين" (١٠٤): " .. تصديقه فيما جاء به". (٥) انظر: "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (٣/ ٢٤١ - ٢٤٤).