وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ غَيْرِهِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ} [التوبة:١٢٨] وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جَمَعْتُ فِيهَا الْقُرْآنَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَيَاتَهُ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عمر.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ اجْتَمَعَ لِغَزْوَةِ أَذْرِبِيجَانَ وَأَرْمِينِيَةَ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَتَذَاكَرُوا الْقُرْآنَ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، قَالَ: فَرَكِبَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ لَمَّا رَأَى اخْتِلَافَهُمْ فِي الْقُرْآنِ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ، حَتَّى إِنِّي وَاللَّهِ لَأَخْشَى أَنْ يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَفَزِعَ لِذَلِكَ عُثْمَانُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَزِعًا شَدِيدًا، وَأَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ، فَاسْتَخْرَجَ الصُّحُفَ الَّتِي١ كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَمَرَ زَيْدًا بِجَمْعِهَا، فَنَسَخَ مِنْهَا الْمَصَاحِفَ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْآفَاقِ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ مَرْوَانُ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ أَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ يَسْأَلُهَا عَنِ الصُّحُفِ لِيُمَزِّقَهَا، وَخَشِيَ أَنْ يُخَالِفَ بَعْضُ الْعَامِ بَعْضًا، فَمَنَعْتُهُ إِيَّاهَا.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَحَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِعَزِيمَةٍ لِيُرْسِلَ بِهَا، فَسَاعَةَ رَجَعُوا مِنْ جَنَازَةِ حَفْصَةَ أَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى مَرْوَانَ فَحَرَقَهَا، مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ لَمَّا نسخ عثمان رضي الله تعالى عنه٢.
١ في الأصل: الذي.٢ إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى..=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute