يقول تعالى ذكره لنبيه صلى اللَّه عليه وسلم: لا تقم يا محمد فى المسجد الذى بناه هؤلاء المنافقون، ضرارا، وتفريقا، بين المؤمنين، وارصادا لمن حارب اللَّه ورسوله، ثم أقسم جل ثناؤه فقال:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} أنت فيه يعنى بقوله: {أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} إبتدأ أساسه، وأصله على تقوى اللَّه، وطاعته من أول يوم أبتدئ فى بنائه {أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} يقول: أولى أن تقوم فيه مصليا. وقيل: معنى قوله {مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} مبدأ أول يوم كما تقول العرب: لم أره من يوم كذا بمعنى مبدأه ومن أول يوم يراد به من أول الأيام، كقول القائل: لقيت كل رجل بمعنى كل الرجال (١).
(١) تفسير ابن جرير الطبرى (٢٦/ ١١). قال ابن الجوزى فى زاد المسير (٥٠٠ - ٥٠١/ ٣): {لَا تَقُمْ فِيهِ} أى لا تصل فيه أبدا {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} أى بنى على الطاعة وبناه المتقون {مِنْ أَوَّلِ يَومٍ} أى: منذ أول يوم. وفى هذا المسجد ثلاثة أقوال: (١) أنه مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة الذى فيه منبره وقبره. روى سهل بن سعد أن رجلين اختلفا فى عهد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فى المسجد الذى أسس على التقوى فقال: أحدهما: هو مسجد الرسول وقال الآخر: هو مسجد قباء فذكر ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: هو مسجدى هذا انظر المسند لامام أحمد (٣٣١/ ٥) ومسلم (١٠١٥/ ٢) ومجمع الزوائد للهيثمى (٣٤/ ٧) =