لقوله:"وبرئ الميت منهما". ولنا: قوله صلى الله عليه وسلم: "نفس المؤمن معلّقة بديْنه حتى يُقضى عنه"، ١ وقوله:"الآن بردت جلده"، حين أخبره أنه قضى دينه. فأما صلاته على المضمون عنه، فلأنه صار له وفاء، وإنما كان يمتنع من الصلاة على من لم يخلف وفاء.
وأما قوله:" فكّ الله رهانك ... إلخ"، فإنه كان بحال لا يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ضمنه فكّه من ذلك أو ما في معناه. وقوله:"برئ الميت منهما" أي: صرت أنت المطالب بهما، وهذا على وجه التأكيد وثبوت الحق في ذمته، ووجوب الأداء عنه، بدليل قوله:"الآن بردت عليه جلده". ولا يعتبر رضى المضمون له ولا المضمون عنه [ولا معرفة الضامن لهما. وقال أبو حنيفة: يعتبر رضى المضمون له. ولنا:"أن أبا قتادة ضمن من غير رضى المضمون له ولا المضمون عنه"] . ٢ وقال القاضي: يعتبر معرفتهما. ولنا: حديث أبي قتادة وعلي، "فإنهما ضمنا لمن لم يعرفا وعن من لم يعرفا"، ولا يعتبر كون الحق معلوماً ولا واجباً إذا كان مآله إلى الوجوب، فمتى قال: أنا ضامن لك ما على فلان، أو ما تقوم به البينة، أو ما يقر به لك، صح؛ وبه قال أبو حنيفة ومالك. وقال الشافعي وابن المنذر: لا يصح كالثمن. ولنا: قوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} . ٣ وهو غير معلوم، لأنه يختلف باختلافه. وقوله عليه السلام:"الزعيم غارم". ويصح ضمان ما لم يجب كقوله: ما أعطيت فلانا فهو عليَّ، والخلاف فيها كالتي قبلها، والدليل ما ذكرنا.
ويصح ضمان عهدة المبيع عن البائع للمشتري، وعن المشتري للبائع. فعن
١ الترمذي: الجنائز (١٠٧٨) , وابن ماجة: الأحكام (٢٤١٣) , وأحمد (٢/٤٤٠, ٢/٤٧٥) , والدارمي: البيوع (٢٥٩١) . ٢ زيادة من المخطوطة. ٣ سورة يوسف آية: ٧٢.