كقوله تعالى: وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ (١) وكقوله - عليه الصلاة والسّلام -:
«ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة»(٢) وكقول العرب: «خمسة رجلة» والأصل أن يجاء بمفسّر هذا النوع مقرونا بـ (من) نحو: ثلاثة من القوم، وأربعة من الحيّ، وخمسة من الركب، وعشرة من البطّ، قال الله تعالى: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ (٣).
ويستغني العدد عن مفسّر بإضافته إلى غيره، كقولك: اقبض عشرتك، وعشري زيد؛ لأنك لم تضفه إلّا وهو عند السامع معلوم الجنس، فاستغنى عن مفسّر والله تعالى أعلم (٤). انتهى كلام المصنف.
وفي فهم المراد من قوله: ولا يجمع المفسّر إلى قوله: إلّا قليلا، قلق، وإن كان في شرحه له بعض إيضاح.
والذي تلخص لي منه (٥) ومن كلام الشّيخ ما أذكره: وهو إمّا أن يوجد للمعدود جمع تصحيح فقط، فيتعيّن، نحو: سَبْعَ سَماواتٍ * (٦) وسَبْعَ بَقَراتٍ * (٧) أو يوجد معه جمع تكسير وهو من باب (مفاعل) فيؤثر جمع التكسير المذكور عليه حينئذ، كـ: سَبْعَ سَنابِلَ (٨) و «ثلاث أحامد»، و «ثلاث زيانب»، والتصحيح قليل، بأن يقال: سبع سنبلات، وثلاث أحمدين، وثلاث زينبات، إلّا إن حصلت مجاورته لما أهمل فيه غير جمع التصحيح، فيؤثر - إذ ذاك - جمع -
(١) سورة النمل: ٤٨، وينظر في ذلك: البرهان في علوم القرآن (٤/ ١١٨). (٢) ينظر: صحيح البخاري - كتاب الزكاة (١/ ٢٥٤) ونصه: عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «... وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة». وصحيح مسلم (١/ ٣٩٠، ٣٩١) كتاب الزكاة، والترمذي (٢/ ٦٩). والذود: اسم لعدد من الإبل غير كثير، يقال: ما بين الثلاث إلى العشر، واحده بعير، وليس من لفظه. (٣) سورة البقرة: ٢٦٠. وينظر في ذلك: البرهان في علوم القرآن (٤/ ١١٨). (٤) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٩٧). (٥) شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٣٩٢ - ٣٩٧). والتذييل والتكميل (٤/ ١٧٢). (٦) سورة البقرة: ٢٩، سورة الطلاق: ١٢، سورة الملك: ٣. (٧) سورة يوسف: ٤٣، ٤٦. (٨) سورة البقرة: ٢٦١. ينظر: الكشاف للزمخشري (١/ ٣٩٣).