الناس، وقالوا: يا رسول الله، فأينا لا يظلم نفسه؟! قال:(إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح:{يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١٣]، إنما هو الشرك)(١).
فلفظة:{ظلم} في آية الأنعام؛ نكرة في سياق النفي فتفيد العموم، فخصَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا العموم، وبيَّن المراد به.
وقد عقد الخطيب البغدادي -رحمه الله- بابا في كتابه:(الكفاية في علم الرواية)(٢)، فقال:"باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن، وذكر الحاجة في المجمل إلى التفسير والبيان".
[٤ - تقييدالمطلق]
ومن أمثلته: قوله تعالى في سياق أحكام المواريث: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء: من آية ١١] فلفظ {وَصِيَّةٍ} مطلق ورد الدليل من السنة بتقييده بالثلث، كما في حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: جاءنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني من وجع اشتد بي زمن حجة الوداع، فقلت: بلغ بي ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مال؟ قال:(لا) قلت: بالشطر؟ قال:(لا) قلت: الثلث؟ قال:(الثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)(٣).
[٥ - بيان المجمل]
وأمثلته كثيرة، ومن أشهرها بيان السنة للأمر بالصلاة الوارد في القرآن، بذكر مواقيتها وصفتها تفصيلا، وشروطها، ونحو ذلك، وهكذا في الزكاة، والصيام، والحج.
(١) سيأتي بحثه -إن شاء الله- برقم (٧٣). (٢) ص ١٢. (٣) أخرجه البخاري رقم (٥٦٦٨) في المرضى: باب قول المريض: إني وجع .. ، ومسلم رقم (١٦٢٨) في الوصية: باب الوصية بالثلث.