وكلُّ ما حفظ عن النَّبيِّ ﷺ في صلاة الخوف إنَّما كان في السَّفر، ولم يصلِّها في الحضر، وقد شغل النَّبيُّ ﷺ يوم الخندق عن صلاة العصر فلم يصلِّها إلَّا بعد المغرب، فدعا النَّبيُّ ﷺ على المشركين؛ فقال:«مَلَأَ اللهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ؛ وهِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ»(١).
واختلف العلماء في توجيه تأخير النَّبيِّ ﷺ الصَّلاة عن وقتها؛ فقيل: إنَّ صلاة الخوف لم تشرع إلَّا بعد وقعة الأحزاب، وقيل: إنَّ هذا يدلُّ على أنَّ صلاة الخوف لا تشرع في الحضر، والقرآن يشهد للقول الثَّاني، وذلك في قوله: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (١٠١)﴾ [النساء: ١٠١].