هذه الأحاديث وإن كانت ضعيفةً -كما ذكر الحافظ- فإنَّ معانيها صحيحةٌ ولها ما يعضدها من الآثار والعمل.
وفيها فوائد، منها:
١ - استحباب الطَّهارة للأذان من الحدث الأصغر، وليست شرطًا، وهذا متَّفقٌ عليه، وأمَّا الطَّهارة من الجنابة؛ فقيل: إنَّها شرطٌ لصحَّة الأذان، والصَّحيح: أنَّها ليست شرطًا، إلَّا إن كان الأذان في المسجد فإنَّه ينهى عنه؛ لنهي الجنب عن المكث في المسجد، وإذا توضَّأ جاز؛ لأنَّ الصَّحابة ﵃ كانوا إذا أراد أحدهم المكث في المسجد توضَّأ لذلك. ويعضد معنى هذا الحديث قوله ﷺ:«إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللهَ تَعَالَى إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ»(٤)، فالطَّهارة للذِّكر مطلقًا مستحبَّةٌ فكيف الأذان؟
٢ - استحباب أن يتولَّى الإقامة من تولَّى الأذان؛ ويشهد لذلك عمل بلالٍ في حياة النَّبيِّ ﷺ وعمل المؤذِّنين بعده.
٣ - جواز أن يتولَّى الإقامة غير من تولَّى الأذان، وهذا ممَّا لا خلاف فيه.
٤ - أنَّ الأذان إلى المؤذِّن المعيَّن لذلك، فلا يفتقر إلى إذن الإمام.
(١) أبو داود (٥١٢). (٢) ابن عديٍّ في «الكامل» (٥/ ١٨). (٣) البيهقيُّ في «الكبرى» (٢٢٧٩). (٤) رواه أحمد (١٩٠٣٤)، وأبو داود (١٧)، وابن حبان (٨٠٣)، وصححه ابن خزيمة (٢٠٦).