الصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ: الدُّعاء، هذا هو المشهور، والصَّواب: أنَّ الصَّلاة أخصُّ من الدُّعاء، بل الصَّلاة تتضمَّن ثناءً على المصلَّى عليه، وبه فسِّرت الصَّلاة من الله كما جاء عن أبي العالية ﵀، قال:«الصَّلاة من الله: ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى»(١)، وأمَّا الصَّلاة من العبد على غيره فهي بسؤال الله أن يصلِّي عليه كما في صلاة المؤمنين على النَّبيِّ ﷺ، كما في الصَّلاة الإبراهيميَّة: اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وعلى آل محمَّدٍ … إلخ.
وكان النَّبيُّ ﷺ إذا أتاه قومٌ بصدقتهم يقول:«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ»(٢)؛ عملاً بقوله تعالى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ١٠٣].
وقد ذكر العلَّامة ابن القيِّم فروقًا لفظيَّةً ومعنويَّةً بين الصَّلاة والدُّعاء (٣).
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الشَّرْعِ: فهي العبادة المعروفة ذات الرُّكوع والسُّجود والتَّحريم والتَّسليم، وسمِّيت صلاةً لاشتمالها على نوعي الدُّعاء: دعاء المسألة، ودعاء العبادة.
والصَّلاة منها ما هو فرضٌ، وهو الصَّلوات الخمس في كلِّ يومٍ وليلةٍ، ومنها ما هو تطوُّعٌ، وهو أنواعٌ، كما قال النَّبيُّ ﷺ للرَّجل الّذي سأله عن الصَّلوات:«خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال:«لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»(٤).
والصَّلوات الخمس أعظم واجبات الدِّين ومبانيه، بعد الشَّهادتين، وهي عمود الإسلام، ولهذا جاء في «الصَّحيح» قوله ﷺ: «بيْنَ الرَّجُلِ وَبيْنَ الشِّرْكِ
(١) ذكره البخاريُّ (٣/ ٢٨٠)، قال: باب ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٦] قال أبو العالية: «صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء». (٢) رواه البخاريُّ (١٤٩٧)، ومسلمٌ (١٠٧٧). (٣) «جلاء الأفهام» (٢٥٣). (٤) رواه البخاريُّ (٤٦)، ومسلمٌ (١١)، عن طلحة بن عبيد الله ﵁.