أي: أما الذين اختاروا منهج الإيمان وأكّدوا يقينهم بالعمل الصالح فأولئك لهم بساتين المساكن والدور والغرف العالية التي جعلها الله لهم {نُزُلًا}: أي: ضيافة وكرامة لهم في الدار الآخرة مقابل صدق منهاجهم.
وقوله:{وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ}. أي: وأما الذين خرجوا عن طاعة الله ومضوا خلف أهوائهم فإن موعدهم النار مثوى لهم.
قال القرطبي:(أي: إذا دفعهم لهب النار إلى أعلاها ردّوا إلى موضعهم فيها، لأنهم يطمعون في الخروج منها. {وَقِيلَ لَهُمْ} أي يقول لهم خزنة جهنم. أو يقول الله لهم:{ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} والذوق يستعمل محسوسًا ومعنىً).
وعن الفضيل بن عياض قال:(والله إن الأيدي لموثَّقة، وإن الأرجل لمقيَّدة، وإنَّ اللهبَ ليَرفَعُهم، والملائكة تقمَعُهم).
وفي التنزيل:{كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}[الحج: ٢٢]. أي: يقال لهم ذلكَ تقريعًا وتوبيخًا وتحقيرًا.
وفي صحيح مسلم عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:[يقول الله تبارك وتعالى لأهونِ أهل النار عذابًا: لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديًا بها؟ فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منكَ أهونَ من هذا، وأنتَ في صلب آدم، أن لا تشرك ولا أدخلكَ النار، فأبَيْتَ إلا الشرك](٢).
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٤٤١)، ومسلم (٢٧٦٨)، وأخرجه أحمد (٢/ ٧٤). (٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٨/ ١٣٤)، كتاب صفة القيامة. باب في كثرة العرق يوم القيامة. وانظر مختصر صحيح مسلم (١٩٥٥)، ورواه البخاري بنحوه.