للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا}.

أي: فلا يظلم الله نفسًا وإن كان الذي له من عمل الحسنات أو السيئات وزن حبة من خردل جئنا بها فأحضرناها. قال ابن زيد: (كتبناها وأحصيناها له وعليه).

وقال: (يؤتى بها لك وعليك، ثم يعفو إن شاء أو يأخذ، ويجزي بما عمل له من طاعة). وعن مجاهد: {أَتَيْنَا بِهَا} قال: جازَيْنا بها).

وقوله: {وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}. أي عالمين حافظين، ولا أحد أسرع حسابًا منا.

وفي التنزيل:

١ - قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٠].

٢ - وقال تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: ٤٩].

٣ - وقال تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦].

٤ - وقال تعالى - من قيل لقمان -: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: ١٦].

ومن كنوز السنة العطرة في آفاق ذلك أحاديث:

الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عن الله تبارك وتعالئ أنه قال: [يا عبادي إني حَرَّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا] الحديث (١).

الحديث الثاني: أخرج الترمذي وابن ماجة بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله - عزَّ وجل - يستخلِصُ رجلًا من أُمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشُرُ عليه تسعةً وتسعين سِجِلًا، كُل سجلٍّ مَدُّ البصر، ثم يقول: أَتُنكِرُ من هذا شيئًا؟ أظَلَمتْكَ كَتَبتي الحافِظُون؟ قال: لا، يا رب. قال: أفلك عُذْرٌ أو حسنةٌ؟ قال: فَيُبْهَتُ الرجلُ فيقول: لا، يا رب. فيقول: بلى، إنَّ لك عندنا حسنة واحدةً، لا ظلم اليوم عليك. فَيُخرجُ له بطاقة فيها: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله"، فيقول: أَحْضِروه.


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٨/ ١٧)، وأخرجه أحمد في المسند (٥/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>