قوله: ومنها أن يكون قد أكل بصلًا أو كراثًا أو نحوهما، ولم يمكن إزالة الرائحة بغسل أو معالجة. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن هذا الذي ذكره يؤخذ منه سقوط الجماعة أيضًا بالبخر والصنان المستحكم بطريق الأولى، وفي الجذام والبرص نظر، والظاهر عدم السقوط.
الثاني: أن النووي في "شرح مسلم" قد ذكر أن الفجل يلتحق بما ذكرناه لأن الجشاء الحاصل منه كريه الريح وقد رواه الطبراني في أصغر معاجمه من رواية جابر [ولفظه](١): "من أكل هذه الخضراوات الثوم والبصل والكراث والفجل. . . ."(٢) إلى آخر الحديث المعروف.
الثالث: أن التعبير بقوله: ولم يمكن يقتضي أن الإزالة إذا أمكنت بمشقة شديدة يؤمر بها ولا يعذر في التخلف؛ والقياس الموافق للقواعد خلافه.
الرابع: روى البيهقي في "السنن الكبير"(٣) عن المغيرة بن شعبة قال: أكلت الثوم على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأتيت المسجد وقد سُبقْتُ بركعة فدخلت معهم في الصلاة فوجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ريحه فقال:"من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا حتى يذهب ريحها" فأتممت صلاتي، فلما سلمت قلت: يا رسول الله أقسمت عليك لما أعطيتني يدك، فناولني يده فأدخلها في كمي حتى انتهت إلى صدري فوجده معصوبًا فقال:"إن لك عذرًا، [أو أرى لك عذرًا](٤) " هذا لفظ الحديث.
(١) سقط من أ، وفي ب: بلفظه. (٢) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (١٩١) وفي "الصغير" (٣٧) من حديث جابر - رضي الله عنه -. قال الهيثمى: رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" وفيه يحيى بن راشد البراء البعدي وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان وقال: يخطئ ويخالف وبقية رجاله ثقات. وقال الألباني: ضعيف. (٣) حديث (٤٨٤٠) وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (٦١٣٢) وهو صحيح. (٤) سقط من جـ.