مُرْتَكِبٌ كَبِيْرَةً مِنْ الْذُّنُوْبِ، يَجِبُ هَجْرُهُ، وَتَأَدِيْبُهُ، وَزَجْرُهُ، وَإِظْهَارُ الْبَغْضَاءِ لَهُ، إِذَا تَحَقَّقَتِ المَصْلَحَةُ الْعَامَةُ، فَإِنْ حَصَلَ فِيْ ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ عَامَّةٌ، أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ، عُومِلَ بِالهَجْرِ عَلَى حَسَبِ الْطَّاقَةِ، حَتَّى يَنْزَجِرَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، شَيْئَاً فَشَيْئَاً، إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الهُجْرَانُ فِيْ الْقَلْبِ إِذَا تَقَطَّعَتْ بِهِ الأَسْبَابُ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رحمه الله - فِيْ جَوَابِ سُؤَالٍ سُئِلَ عَنْهُ: (فَإِنَّ المَقْصُوْدَ بِهِ زَجْرُ المَهْجُوْرِ، وَتَأَدِيْبُهُ، وَرُجُوْعُ الْعَامَّةِ عَنْ مِثْلِ حَالِهِ، فَإِنْ كَانَتِ المَصْلَحَةُ بِذَلِكَ رَاجِحَةً بِحَيْثُ (١) يُفْضِيْ هَجْرُهُ إِلَى ضَعْفِ الْشَّرِّ وَخِفَّتِهِ، كَانَ مَشْرُوْعَاً، وَإِنْ كَانَ لَا المَهْجُوْرُ وَلَا غَيْرُهُ يَرْتَدِعُ بِذَلِكَ بَلْ يَزِيْدُ الْشَّرُ، وَالهَاجِرُ ضَعِيْفٌ بِحَيْثُ يَكُوْنُ مَفْسَدَةُ ذَلِكَ رَاجِحَةً عَلَى مَصْلَحَتِهِ؛ لَمْ يُشْرَعْ الهَجْرُ، بَلْ يَكُوْنُ الْتَّأَلِيْفُ لِبَعْضِ الْنَّاسِ أَنْفَعَ مِنَ الهَجْرِ، وَالْهَجْرُ لِبَعْضِ الْنَّاسِ أَنْفَعَ مِنَ الْتَّأَلِيْفِ) انْتَهَى. (٢)
(١) نهاية الورقة [١٥] من المخطوط.(٢) ينظر: «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٢٠٦)، وقد سبق نقل الفتوى مطوَّلَة في (ص ٢٣٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute