ونود قبل أن نشرع في مناقشة أفكار كراوس حسب تسلسلها، تلك الأفكار التي عرضها (١) بصيغة مشابهة عام ١٩٣٠، نود أن نذكّر بموقف روسكا إزاء انتقاداته المماثلة القديمة (٢): «إني أخشى أن يكون تفكيرنا في هذه الأشياء تفكيرا مجردا للغاية، فنحن
(١) كراوس: «أوجز النتيجة: إذا كانت كتب جابر أصيلة فعلينا أن ننظر إلى معالم كثيرة من تاريخ الإسلام نظرة أخرى. ومنه فجابر كان إذن الناقل للعلم اليونانى إلى العرب. كان فى مطلع تاريخ الفكر الإسلامى شخصية ذات أصالة واستقلالية عظيمتين وذات معرفة شاملة بالآداب اليونانية. وهو من أبدع لغة العرب العلمية قبل مترجمى القرن التاسع الميلادى العظماء بزمن طويل وهو يمثل نموذجا من العلماء الإسلاميين لم يعرف له بعد مثيل في مثل هذا الزمن المبكر، فهو لا يعالج موضوعات علمية فردية فحسب، كما يمكن أن يتوقع فى القرن الثامن الميلادى، بل يقوم بعرض علمه الطبيعى في صرح من التعاليم الفلسفية تام التناسق، متماسك البنيان. وفي مجال الفقه الإسلامي- ناهيك عن الجانب الشيعي في مذهبه- نجده ينطلق أن مذهب المعتزلة أمر بديهي معروف للجميع، وذلك في زمن لم يكن فيه هذا المذهب- وفقا للآراء السائدة إلى الآن- قد تكامل بعد. إذن علينا أن نغير علمنا في هذه النقاط وفي نقاط كثيرة أخرى إذا ما كانت كتب- جابر أصيلة، أى إذا كانت من النصف الثانى من القرن الثامن الميلادى. غير أنه مما يمكن إثباته أن المجموع كاملا يعود لزمن متأخر كثيرا» (التقرير السنوي الثالث ص ٢٧). (٢) انظر قبله ص ٢٤٥ حاشية.