قال: فوجب حمل ما ورد عن الصحابة من أمر الطلاء على ما لا يسكر بعد الطبخ. وقد ثبت عن ابن عباس بسندٍ صحيح:"أن النار لا تحل شيئاً ولا تحرمه" أخرجه النسائي (١) من طريق عطاء عنه.
قلت: ويدل على أنه أباح من ذكر ما ليس بمسكر، قوله: حتى تذهب ريحه وبغيه، وبغيه هو إسكاره، وقد فسره المصنف بأذاه وشدته، وهو إسكاره.
قوله:"عبد الله بن يزيد الخطمي"(٢) أقول: وهو بفتح المعجمة وسكون المهملة صحابي صغير ولي لكوفة لابن الزبير.
قوله:"فإن له اثنين ولكم واحد" أقول: فسر الاثنين الثلثان فيما روى عنه قريباً وهي ريحه وبغيُه، وهو إشارة إلى ما أخرجه النسائي (٣) في قصة نوح - عليه السلام - عن ابن سيرين قال: سمعت أنس بن مالك يقول: إن نوحاً نازعه الشيطان في عود الكرم، فقال: هذا لي، وقال هذا [٢٩٧ ب] لي فاصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها.
١٤ - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أَنَّه سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ العَصِيرِ، فَقَالَ: اشْرَبْهُ مَا كَانَ طَرِيًّا. قَالَ إِنِّي أطْبُخهُ، وَقِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ. فَقَالَ: أَكُنْتَ شَارِبَهُ قَبْلَ أَنْ تَطْبُخَهُ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ:" فَإِنَّ النَّارَ لاَ تُحِلُّ شَيْئًا قَدْ حُرِّمَ". أخرجه النسائي (٤). [موقوف صحيح الإسناد]
(١) في "السنن" رقم (٥٧٣٠) عن عطاء قال: سمعت ابن عباس يقول: والله ما تُحلُّ النارُ شيئاً ولا تحرمه. قال: ثمَّ فسَّرَ لي قوله: لا تحل شيئاً لقولهم في الطلاء ولا تحرمه. بإسناد صحيح. (٢) انظر: التقريب (١/ ٤٦١ رقم ٧٤٢). (٣) في "السنن" رقم (٥٧٢٦)، وهو أثر موقوف بسند حسن. (٤) في "السنن" رقم (٥٧٢٩)، وهو أثر موقوف بسند صحيح.