الغَبْنِ (١) بيعُ ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطرَ على قلب بشر، في أبدٍ لا يزول، ولا ينفذُ = بصُبَابَة (٢) عيشٍ، إنَّما هو كأضغاث أحلام، أو كطيفٍ (٣) زارَ في المنَام، مَشوبٍ بالنُّغَصِ (٤) ، ممزوجِ بالغُصَصِ (٥) ، إنْ أضحك قليلًا أبكى كثيرًا، وإن سَرَّ يومًا أحزنَ شهورًا، آلامُهُ تزيدُ على لذَّاتِهِ، وأحزانه أضعافُ أضعاف مَسَرَّاتِهِ، أوله مخَاوف، وآخرُهُ مَتَالِف.
فيَا عَجبًا من سفيهٍ في صورة حكيم (٦) ، ومعتوهٍ في مِسْلَاخ (٧) عاقلٍ، آثر (٨) الحظ الفاني الخسيس، على الحظِّ الباقي النفيس، وباع جنَّةً عرضها السموات والأرض؛ بسجنٍ ضيِّقٍ بين أرباب العاهات (٩) ، ومساكن طيِّبةً في جنَّات عدن تجري من تحتها الأنهارَ، بأعْطَانٍ (١٠)
(١) الغبن: النقص، الصحاح (٢/ ١٥٨٩). (٢) الصُّبابة: البقيَّة من الماءِ في الإناء، الصحاح (١/ ١٧٦)، والمعنى: بحياةٍ قصيرة. (٣) الطائف: ما كان كالخيال، يلمُّ بالشخص. المعجم الوسيط ص (٥٩٨). (٤) النغص: الكدر، الصحاح (١/ ٨٣٠). (٥) الغُصَصَ: ما اعترض في الحَلْق من شجى أو طعام أو شراب. الصحاح (١/ ٨٢١)، والمعجم الوسيط ص (٦٨٦). (٦) في "هـ": "حليم". (٧) المسْلاخ: الإهاب، أي: الجلد، الصحاح (١/ ٣٧٠)، والمعجم الوسيط ص (٤٦٨). (٨) في "ب" "ءآثر" بالاستفهام، وهو محتمل، والمثبت أقرب. (٩) في "ب، ج، د، هـ" ونسخة على حاشية "أ" "العاهات والبليات". (١٠) الأعطان جمع عَطَن، وهو مبارك الإبل عند الماء لتشرب عَلَلًا بعد نَهَلٍ. =