بسهم في نغض كتفه (١). قال: قلت: خذها وأنا ابن الأكوع، واليوم يوم الرضع، قال: يا ثكلته أمه! أكوعه بكرة (٢). قال: قلت: نعم يا عدو نفسه! أكوعك بكرة. قال: وأرْدَوْا فرسين على ثنية. قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله ﷺ. وقال: ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن (٣)، وسطيحة فيها ماء، فتوضأت وشربت.
ثم أتيت رسول الله ﷺ وهو على الماء الذي حلأتهم عنه (٤)، فإذا رسول الله ﷺ قد أخذ تلك الإبل، وكل شيء استنقذت من المشركين، وكل رمح وبردة، وإذا بلال نحو ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم، وإذا هو يشوي لرسول الله ﷺ من كبدها وسنامها قال: قلت: يا رسول الله! خلني فأنتخب من القوم مائة رجل. فاتبع القوم، فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته.
قال: فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجده (٥) في ضوء النار. فقال:(يا سلمة أتراك كنت فاعلًا؟) قلت: نعم. والذي أكرمك! فقال:(إنهم الآن ليقرون (٦) في أرض غطفان)، قال: فجاء رجل من غطفان فقال: نحو لهم فلان جزورًا، فلما كشفوا جلدها رأوا غبارًا. فقالوا: أتاكم القوم. فخرجوا هاربين، فلما أصبحنا قال رسول الله ﷺ(كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة) قال: ثم أعطاني رسول الله ﷺ: سهمين: سهم الفارس وسهم الراجل. فجمعها لي جميعًا) ثم أردفني رسول الله ﷺ وراءه على العضباء. راجعين إلى المدينة".
(١) فغض: العظم الرقيق على طرف الكتف. (٢) يا ثكلته أمه، أكوعه بكرة: ثكلته أمه، فقدته، وقوله أكوعه بكرة: أي أنت الأكوع الذي كنت بكرة هذا النهار، ولهذا قال: نعم. (٣) سطيحة فيها مذقة من لبن: إناء من جلود سطح بعضها على بعض والمذقة قليل من لبن ممزوج بماء. (٤) حلأتهم: أبعدتهم. (٥) نواجده: أنيابه. (٦) يقرون: يضافون. القرى: الضيافة.