هو الوصول إلى الحق , فلا يتقدم إلى الحوار من يحمل معه الإصرار على رأيه إن لم يكن الحق معه, قال الشافعي رحمه الله:" ما ناظرت أحداً إلا ولم أبال بيّن الله الحق على لساني أو لسانه"(١)؛ لأن مقصوده من المناظرة إظهار الحق والتوصل إليه , وليس الانتصار لنفسه أو لرأيه , وهذه منزلة عالية تحتاج إلى تربية جادة حتى يستطيع الإنسان تحقيقها.
فمصعب بن عمير - رضي الله عنه - كان يسعى إلى تحقيق الهدف من حواره بدخول من يحاوره إلى الإسلام ما أمكنه ذلك , ولم يصر على إقناع محاوره , فعندما جاءه أسيد بن حضير - رضي الله عنه - , أخذ يشتمه ويأمره بالخروج , فقال له مصعب بن عمير - رضي الله عنه -: " أو تجلس فتسمع , فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كفّ عنك ما تكره فقال: أنصفت "(٢). فرضي مصعب بن عمير - رضي الله عنه - بنتائج ما سيصل إليه الحوار. فإما أن يرضى أسيد بن حضير - رضي الله عنه - ويقبل , أو يلتزم مصعب بن عمير - رضي الله عنه - ما اتفقا عليه بأن يكف عنه ما كرهه منه , مع أن الحق معه , فاستمع أسيد بن حضير - رضي الله عنه - واتبع الحق الذي جاء به مصعب بن عمير - رضي الله عنه -.
[المبحث الثاني: آداب أسلوب الحوار النفسية عند مصعب بن عمير - رضي الله عنه -]
تعتني الآداب النفسية للحوار بكل ما يعطي النفس ارتياحاً وهدوءاً , كتهيئة المكان , واختيار الزمان المناسب , وترفض كل ما يزعج النفس ويؤذيها , كالغضب والتوتر والقلق.
(١) ابن الجوزي: صفة الصفوة , مصدر سابق , ١/ ٤٣٥. (٢) ابن هشام: مصدر سابق , ١/ ٤٣٥.