للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٧٥٩ - وسألتُ أَبِي (١) عَنْ حديثٍ رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادة، عَنْ حمَّاد (٢) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ أَبِي سَلَمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبيِّ (ص) قَالَ: إذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالإنَاءُ عَلَى يَدِهِ، فَلَا يَضَعْهُ (٣) حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ.

قلتُ لأَبِي: وَرَوَى رَوْحٌ أَيْضًا عَنْ حمَّاد، عَنْ عمَّار بْنِ أَبِي عمَّار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبيِّ (ص) ، مثلَه، وَزَادَ فِيهِ: وَكَانَ المُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ إِذَا بَزَغَ الفَجْرُ؟

قَالَ أبي: هذَينِ الحديثَينِ ليسا بِصَحِيحَينِ (٤) ؛

أمَّا حديثُ


(١) تقدمت هذه المسألة برقم (٣٤٠) .
(٢) هو: ابن سلمة.
(٣) في (أ) : «نضعه» .
(٤) كذا في جميع النسخ، عدا (ك) ، ففيها: «هذان الحديثين ليسا بصحيحين» ، وكانت هكذا في (ت) ثم رُسمت كما أثبتنا، والجادَّةُ أن يقال: «قَالَ أَبِي: هَذَانِ الْحَدِيثَانِ لَيْسَا بصحيحين» ، على حكاية مقول القول - كما في المسألة رقم (٣٤٠) - لكنَّ ما في النسخ يخرَّج على وجهين:
الأوَّل: على الإمالة، والأصلُ: «هذان الحديثان» رفعًا بالألف على الابتداء؛ لكنْ أميلت الألف في «هذانِ» ؛ لانكسار النون بعدها، ولورود السماع بإمالة «ذا» في الإشارة، وأميلت الألف في «الحديثان» ؛ لانكسار النون بعدها أيضًا، ولسبقها بالياء. وتُرْسَمُ ياءً، لكنَّها لا تنطق إلا ألفًا ممالة: «هذَ ينِ الحديثَينِ» . انظر الكلام على الإمالة في المسألة رقم (٢٥) ، (١٢٤) .
والثاني: على النصب بـ «قال» حملاً لها على «ظنَّ» ، وهذه لغة بني سليم يُجْرون القول وما اشتقَّ منه مُجْرَى الظَّنِّ مطلقًا بدون شروطٍ في نصب المفعولَيْنِ؛ فيقولون: قال زيدٌ بَكْرًا منطلقًا، فتكون على ذلك بالياء الخالصة: «هذَيْنِ الحديثَيْنِ» .
قال السيوطي في "همع الهوامع": «واختُلِفَ: هل يُعْمِلونه باقيًا على معناه، أَوْ لا يُعْمِلونه حتَّى يُضَمَّنَ معنى الظَّنِّ؟ على قولَيْنِ، اختار ثانيَهُمَا ابنُ جِنِّي، وعلى الأوَّل: الأعلَمُ وابن خَرُوف» . اهـ، ومن شواهد هذه اللغة قولُ الشاعر [من الرجز أو السريع] :
قالَتْ وكُنْتُ رَجُلاً فَطِينَا
هذا - لَعَمْرُ اللهِ - إسرائِينَا
وجمهور العرب: لا يُجْرُونَ القولَ وما تصرَّف منه مُجْرَى الظن، إلا بشروط. انظر تفصيل ذلك في: "شرح المفصَّل" (٧/٧٨- ٨١) ، و"شرح التسهيل" لابن مالك (٢/٩٣- ٩٦) ، و"أوضح المسالك" (٢/٦٥- ٧٢) ، و"شرح الأشموني" (٢/٧٢- ٧٨) ، و"همع الهوامع" (١/٥٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>