والمقصود: أنَّ هؤلاءِ يشترطون في وقوعِ الطَّلاقِ إِذْنَ الشَّارعِ فيه، وما لم يأذن فيه الشَّارعُ فهو عندهم لاغٍ، غيرُ نافذٍ.
قال شيخ الإسلام: وقولهم أصحُّ في الدَّليل مِن قول مَن يوقع الطَّلاقَ الذي لم يأذن فيه الله ورسولُه، ويراه صحيحاً لازماً.
والمقصود: أنَّ أحداً لم يقل: إنَّ مجرَّدَ التكلُّمِ بالطَّلاقِ موجبٌ لترتُّبِ أثره عليه على أيِّ وَجْهٍ كان.
الوجهُ التاسعَ عشَرَ: أنَّ هذا مقتضى نَصِّ أحمد؛ كما تقدَّم (١) تفسيره الإغلاق - في رواية حنبل - بالغضب (٢).
وقال عبدُ الله ابنُه في «مسائله»(٣): سألتُ أبي عن المجنون إذا طلَّقَ في وقت زَوَلانِ عقلِه أيجوز؟ قال أبي: كلُّ مَن كان صحيحَ العقل، فزال عقلُه عن صحَّته، فطلَّق - فليس طلاقُه بشيءٍ.
فهذا عمومُ كلامِه، وذاك خاصُّه؛ فقد جعل تغيّرَ العقلِ عن صحَّته مانعاً مِن وقوعِ الطَّلاق، ولا ريبَ: أنَّ إغلاقَ الغضبِ يُغَيِّرُ العقلَ عن صحَّتهِ.
(١) ص (٣٦). (٢) قال المؤلف في «شفاء العليل» (١/ ٤١٠): «وهذا يدلُّ على أنَّ مذهبه أن طلاق الغضبان لا يقع». (٣) روى نحوه عبد الله في «مسائله» المطبوعة رقم (١٣٣٢).