فقالوا: لا والله ما نطلب ثمنه إلا لله - عزّ وجلّ -، وهذا ينص على أنهم لم يأخذوا منه ثمنًا، وإنما وهبوه للنبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد ذكر محمد بن سعد في تاريخه الكبير عن الواقدي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتراه من بني عَفراء (١) بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر الصديق (٢)، فإن صحّ هذا فلم يقبله النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بالثمن؛ لأنه كان ليتيمين، وفي هذا دليل على لزوم بناء المساجد في القرى التي يُستوطن بها؛ لأجل الجمعة، ولإظهار شعائر الإسلام.
وقوله: وكانت فيه نخل وقبور المشركين وخِرَب، رُوي بفتح الخاء وكسر الراء: جمع خَرِبة؛ مثل: كَلِمَة وكَلِم، وبكسر الخاء وفتح الراء: جمع خِربة بسكون الراء، لغتان فيما يخرب من البناء، والثانية لتميم، هذا هو الصحيح في الرواية والمعنى. وقد فسَّره حيث قال: وبالخِرَب فسُوِّيت. وقد استبعد الخطابي ذلك المعنى، وأخذ يقدِّر اللفظ تقديرات، فقال: لعل الصواب: خُرَب: جمع خُربة؛ وهي الخروق في الأرض، أو لعلَّها: جرف جمع: جِرَفَةٍ، وهي جمع
(١) في (م): عمرو. وفي وفاء الوفا (١/ ٣٢٣): أنَّ الحائط كان ليتيمين هما سهل وسهيل ابني عمرو، وكانا في حجر ابن عفراء. (٢) الطبقات الكبرى لابن سعد (١/ ٢٣٩ - ٢٤٠).