النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك، قال: وأما أنا فأصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني (١). وقد تقدَّم في النكاح.
و(قوله: ما بال رجال بلغهم عني أني ترخصت في أمر فكرهوه (٢)، وتنزهوا عنه) هذا منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عدول عن مواجهة هؤلاء القوم بالعتاب، وكانوا معينين عنده، لكنه فعل ذلك لغلبة الحياء عليه، ولتلطُّفه في التأديب، ولسَتر المعاتب. وتنزه هؤلاء عما ترخص فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ غلط أوقعهم فيه ظن أن المغفور له يسامح في بعض الأمور، ويسقط عنه بعض التكاليف، والأمر بالعكس لوجهين:
أحدهما: أن المغفور له يتعيَّن عليه وظيفة الشكر، كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أفلا أكون عبدًا شكورًا (٣).
وثانيهما: أن الأعلم بالله وبأحكامه: هو الأخشى له، كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إني لأعلمكم بالله تعالى، وأشدكم له خشية وقال في موضع آخر: وأعلمكم بما أتقي الله.
ويُستفاد من هذا الحديث النهي عن التنطع في الدين، وعن الأخذ بالتشديد
(١) سبق تخريجه. (٢) في التلخيص: عني أمر ترخصتُ فيه فكرهوه. (٣) رواه أحمد (٤/ ٢٥٥)، والبخاري (٤٨٣٦)، ومسلم (٢٨١٩) (٨٠)، والترمذي (٤١٢)، والنسائي (٣/ ٢١٩)، وابن ماجه (١٤١٩).