الواحد بخطاب الاثنين، وهو من عادة العرب، كما أنشد النحويون:
فقلت لصاحِبي لا تحبسانا ... بِنَزْعِ أُصولِه واجتزَّ شِيْحَا (١)
وإن كان الخطاب لهما فهو ظاهر (٢).
قوله:{إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا} يعني: فرعون وقومه (٣). قال أهل المعاني: ذكرهم الله هاهنا بالصفة القائمة مقام الاسم؛ لأنهم كانوا عند نزول القرآن قد كذبوا بآيات موسى وإن لم يكونوا موصوفين بالتكذيب عند إرسال موسى إليهم (٤).
= الآية، ويؤيده قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} [مريم: ٥٣].قال المراغي ١٩/ ١٦: فإنه وإن كان نبيًا فالشريعة لموسى -عليه السلام-، وهو تابع له فيها، كما أن الوزير متبع لسلطانه. وقد رد الرازي ٢٤/ ٨١، على من استدل بكون هارون وزيرًا على أنه ليس بنبي بكلام جيد. فيراجع. وأما قوله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [النازعات: ١٧] فلا ينافي هذا؛ لأنهما إذا كانا مأمورين فكل واحد مأمور. "تفسير القرطبي" ١٣/ ٣١. (١) أنشده الفراء، "معاني القرآن" ٣/ ٧٨، وعنه ابن قتيبة، "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٩١، وابن جني في "سر صناعة الإعراب" ١/ ١٨٧، ولم ينسبوه. وفي "حاشية تأويل مشكل القرآن": المعنى لا تحبسنا عن شي اللحم بأن تقطع أصول الشجر، بل خذ ما تيسر من الشيح؛ والشيح: نبت طيب الرائحة، واجتز: اقطع، والشاهد: قوله: تحبسانا: خاطب الواحد بلفظ الاثنين. وأنشده في "لسان العرب" ٥/ ٣١٩ (جزز) نقلاً عن ثعلب والكسائي، ونسباه ليزيد بن الطَّثَرِية، وُيروى: واجْدَزَّ، ثم قال: قال ابن بري: ليس هو ليزيد بن الطثرية؛ وإنما هو لمضرس بن ربعي الأسدي. (٢) وقد جزم بهذا القرطبي ١٣/ ٣٠، -وهو الصحيح- وضعف القول الآخر بتصديره بقيل. ولم يتعرض الواحدي لنقد هذا القول مع أنه حري بذلك. والله أعلم. (٣) "تنوير المقباس" ص ٣٠٣، والهواري ٣/ ٢٠٩، والزجاج ٤/ ٦٧، وزاد: والذين مسخوا قردة وخنارير. (٤) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ ب، حيث جعل الآيات هنا آيات نبي الله موسى -صلى الله عليه وسلم- التسع. =