الآخر: ذا قرآن كقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ}[النحل: ٤٤] والإنزال على هذا القول يكون بمعنى الإنشاء والإحداث، كما ذكرنا في قوله:{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}[الزمر: ٦]. وقوله:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ}[الحديد: ٢٥].
قال أبو إسحاق: ويكون يعني به جبريل يريد أن المعنى في قوله: فأنزل الله إليكم ذا ذكر رسولاً، وهو جبريل (١)؛ لأنه أنزل مع القرآن رسولاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم -، وهذا محتمل وأن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم - أولى لقوله بعده:{يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللهِ مُبَيِّنَاتٍ}.
وذكر أبو جعفر (٢) النحاس وجهين آخرين في نصب {رَسُولًا}(٣) لا يصح واحد منهما.
أحدهما: أنه قال: {رَسُولًا} بدل من {ذِكْرًا} بمعنى رسالة (٤). وهذا لا يجوز لقوله:{يَتْلُو عَلَيْكُمْ ...} إلى آخر الآية. وهو من صفة الرسول لا الرسالة (٥).
الثاني: أنه قال: {رَسُولًا} أي مع رسول فيكون مفعولًا معه (٦). وهذا أيضًا غير جائز؛ لأن المفعول معه لا يكون إلا مع الواو كما تقول: استوى الماء والخشبة، ولا يجوز بغير الواو (٧).