كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم بنو آدم وكلكم بنو رجل واحد كطف الصاع"(١).
ثم ذكر الله تعالى أنه إنما فرق أنساب الناس ليتعارفوا لا ليتفاخروا فقال:{وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا} وهي: جمع الشعب وهو الحي العظيم، والقبائل دون ذلك، وهذا قول أبي عبيدة (٢) والفراء (٣) وجميع أهل اللغة (٤) قالوا: الشعب أعظم من القبيلة، وهي مثل مضر (٥) وربيعة (٦)، والقبائل: واحدتها قبيلة وهم كـ (بكر)(٧) من ربيعة وتميم من مضر، وأصل الشعب مأخوذ من:
(١) نص الحديث: "إن الله أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها كلكم لآدم وحواء، كطف الصالح بالصاع، وإن كرمكم عند الله أتقاكم فمن أتاكم، ترضون دينه وأمانته فزوجوه" انظر: "الدر المنثور" ٧/ ٥٧٩، وأخرج نحوه الطبري ١٣/ ١٤٠ عن عقبة بن عامر، قال أبو عبيد: الطف هو أن يقرب الإناء من الامتلاء من غير أن يمتلئ، يقال: هو طف المكيال وطفافه، إذا كرب أن يملأه، ومنه التطفيف في الكيل إنما هو نقصانه أي لم يملأ إلى شفته إنما هو إلى دون ذلك. انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد الهروي ١/ ٤٢٥، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير ٣/ ١٢٩. (٢) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٢٢٠. (٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٧٢. (٤) انظر (شعب) في: "تهذيب اللغة" ١/ ٤٤٢، و"الصحاح" ١/ ١٥٥، "اللسان" ١/ ٤٩٧. (٥) مضر: قبيلة من العدنانية، وهم بنو مضر بن معد بن عدنان، قال في "العبر": وكانت مضر أهل الكثرة والغلب بالحجاز من سائر بني عدنان، وكانت لهم الرياسة بمكة والحرم، انظر: "نهاية الأرب" ص ٣٧٧. (٦) ربيعة: حي من مضر من العدنانية، وهم بنو ربيعة بن نزار بن مضر، وتعرف بربيعة الحمرا، قال في العبر: وديارهم ما بين اليمامة والبحرين والعراق، انظر: "جمهرة أنساب العرب" ص ٢٩٢، "نهاية الأرب" ص ٢٤٢. (٧) بنو بكر: بطن من ربيعة من العدنانية، وهم بنو بكر القحطاية، وهم بنو بكر بن عامر ابن عوف بن عذرة بن زيد اللات. انظر: "نهاية الأرب" ص ١٧٠.