قوله تعالى:{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} قال ابن عباس: من الصدق والوفاء وهذا قول أكثرهم (٢)، وقال مقاتل: فعلم ما في قلوبهم من الكراهة للبيعة علي أن يقاتلوا ولا يفروا (٣).
{فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} يعني: الطمأنينة والرضا حتى أقروا على أن يقاتلوا ولا يفروا، وذكر الفراء قولاً آخر قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أري في منامه أن يدخل مكة فلم يتهيأ لذلك، وصالح أهل مكة على أن يخلوها له ثلاث من العام المقبل، ودخل المسلمين من ذلك أمر عظيم، فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما كانت رؤيا أريتها, ولم يكن وحياً من السماء" فعلم الله ما في قلوب المسلمين من ذلك، فأنزل السكينة عليهم، أي: الطمأنينة (٤) في هذه السورة وفي غيرها، وقال الكلبي في تفسير السكينة هاهنا: الطمأنينة (٥) حين صدهم المشركون فأذهب تلك الحمية من قلوبهم {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا
= باب (٣٥) ٥/ ٦٣، وأخرجه الطبري ١٣/ ٨٧ عن قتادة، ونسبه البغوي ٧/ ٣٠٤ لجابر، ونسبه ابن الجوزي ٧/ ٤٢٢ لجابر وقتادة. (١) أخرج ذلك البخاري عن جابر، انظر كتاب: المغازي باب (٣٥) ٥/ ٦٣، وأخرجه الطبري ١٣/ ٨٧، والبغوي ٧/ ٤٠٣ عن جابر. (٢) ذكره من غير نسبة: "الطبري" ١٣/ ٨٨، "الثعلبي" ١٠/ ١٣٨ أ، "البغوي" ٧/ ٣٠٦، "زاد المسير" ٧/ ٤٣٤. (٣) انظر: "تفسير مقاتل" ٤/ ٧٣. (٤) انظر: "معاني الفراء" ٣/ ٦٧. (٥) هكذا فسرها الطبري ١٣/ ٨٨، وقال البغوي: الطمأنينة والرضاء ٧/ ٣٠٦، وكذلك ابن الجوزي في ٧/ ٤٣٤، وانظر: "تنوير المقباس" ص ٥١٣.