من المبادئ العظيمة التي قررها سلف الأمة وسار عليها من جاء بعدهم من الأئمة وتمسك بها أهل السنة قاطبة: الإمساك عما شجر بين الصحابة
-رضوان الله عليهم أجمعين- والترحم عليهم جميعًا، ومحبتهم وعدم ذكرهم إلا بالثناء الحسن الجميل على ما جاءت بذلك الآثار عن السلف ومَنْ بعدهم مِنْ أهل العلم.
فعن عمر بن عبد العزيز ﵀ أنه سُئل عن علي وعثمان وصفين وما كان بينهم؛ فقال:«تلك دماء كف الله يدي عنها، وأنا أكره أن أغمس لساني فيها»(١).
وسئل الإمام أحمد:«ما تقول فيما بين علي ومعاوية -رحمهما الله-؟ فقال أبو عبد الله: ما أقول فيها إلا الحسنى: ﵏»(٢).
وقال أبو الحسن الأشعري: «وأما ما جرى بين علي والزبير وعائشة ﵃ فإنما كان عن تأويل واجتهادٍ، وعلي الإمام وكلهم من أهل الاجتهاد، وقد شهد لهم النبي ﷺ بالجنة، فدل على أنهم كلهم كانوا على حق في اجتهادهم.
وكذلك ما جرى بين علي ومعاوية ﵄ كان على تأويلٍ واجتهادٍ، وكل الصحابة أئمة مأمونون غير متهمين في الدين، وقد أثنى الله ورسوله على
(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات (٥/ ٣٠٧)، وانظر السنة للخلال (١/ ٦٢). (٢) أخرجه الخلال في السنة (١/ ٤٦٠).