وعمل كتابه الذي لم يسبقه أحد إلى مثله ولا لحق به من بعده، وكان كتابه لشهرته [١] عند النحويين علما، فكان يقال بالبصرة قرأ فلان للكتاب فيعلم أنه كتاب سيبويه، وكان المبرد إذا أراد مريد أن يقرأ عليه كتاب سيبويه يقول لَهُ: هل ركبت البحر. تعظيما لَهُ واستصعابا لما فيه.
وقال السيرافي: / لم نعلم [٢] أحدا قرأ كتاب سيبويه عليه، إنما قرئ بعده على أبي الحسن الأخفش، ورأيت في تعاليق أبي عبد الله المرزباني: قَالَ ثعلب: اجتمع أربعون نفسا حتى عملوا كتاب سيبويه هو أحدهم، وهو أصول الخليل ونكته فادعاه سيبويه، وأنا أستبعد هذا لأن مثله لا يخفى [٣] ، والكل قد سلموا للرجل.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ [بْن عَلِيِّ بْن ثَابِتٍ][٤] الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا هلال بن المحسن قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الْجَرَّاح قَالَ:
حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قَالَ: أخبرنا ابن المتوكل [٥] قَالَ: حدثنا أبو بكر العبدي قَالَ: لما قدم سيبويه بغداد، فناظر سيبويه الكسائي وأصحابه، فلم يظهر عليهم، فسأل من يبذل من الملوك ويرغب في النَّحْو؟ فقيل لَهُ: طلحة بن طاهر.
فشخص إلى خراسان، فلما انتهى إلى ساوة [٦] مرض مرضه الَّذِي مات فيه، فتمثل عند الموت:
يؤمل دنيا لتبقى له ... فمات المؤمل قبل الأمل
حثيثا يروي أصول الفسيل ... فعاش الفسيل ومات الرجل
[٧] أخبرنا عبد الرحمن [بن مُحَمَّد قال:] أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت][٨]
[١] في الأصل: «أشهر» . [٢] في ت: «ولا نعلم» . [٣] في الأصل: «لا يلقى» . [٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. [٥] في الأصل: «ولد المتوكل» . وفي تاريخ بغداد: «أبو بكر مؤدب ولد الكيّس بن المتوكل» . [٦] في الأصل: «إلى سامراء» . [٧] تاريخ بغداد ١٢/ ١٩٨. والبيت في البداية والنهاية: يربي فسيلا ليبقى له ... فعاش الفسيل ومات الرجل [٨] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.