فاسمعوا إنشادي: قلنا: هات.
فقال:
فَحْوَاكَ عَيْنٌ [١] عَلَى نَجْوَاكَ يا مَذِلُ [٢] حَتَّامَ لا يتقضّى [٣] قولُك الخَطِلُ
فإنَّ أَسْمَح [٤] مَن تشكو إليه هوًى ... مَنْ كان أحسنَ شيءٍ عندهُ العَذَلُ
ما أقبلتْ أوجُهُ اللَّذاتِ سافرةً ... مُذْ أَدْبَرَتْ باللِّوَى أيّامُنا الأُوَلُ [٥]
إن شئتَ أن لا ترى صبرًا لمصطبر [٦] ... فانظر على أيّ حالٍ أصبح الطَّللُ [٧]
كأنَّما جاد مَغْنَاه فغيَّره ... دُمُوعُنا يوم بانوا فهي تَنْهَمِكُ
إلى أن قال فيها يمدح المعتصم:
تَغَايَرَ الشِّعْرُ فيه إذْ سَهِرْتُ له ... حتّى ظننت قوافيه ستقتتل [٨]
فقلنا: لمن هذا الشِّعْر؟.
فقال: لِمَن أَنْشَدْكُمُوه.
قلنا: ومنْ تَكون؟
قال: أبو تَمّام حبيب بْن أوس.
فرفعناهُ وجعلناهُ كأحدنا، ثُمَّ ترقَّت حاله، وكان من أمره ما كان [٩] .
والمَذِل: الْخَدِرُ الفاتِرُ.
وقيل للبُحْتُريّ: يزعمُونَ أنّك أشعر من أبي تَمّام.
فقال: لا والله، ما ينفعني هذا القول، ولا يضرّ أبا تمّام. وو الله ما أكلتُ الخُبْزَ إلا به، ولوَدِدْتُ أنّ هذا الأمر كما قالوا. ولكنِّي والله تابعٌ له، لائذ به [١٠] .
[١] في تاريخ بغداد، والأنساب: «فحواك دلّ» .
[٢] المذل: بفتح أوله وكسر ثانيه.
[٣] في الجليس الصالح: «لا ينقضي» .
[٤] في تاريخ بغداد: «أسمج» بالجيم، وكذلك في الأنساب.
[٥] هذا البيت ليس في (الجليس الصالح) .
[٦] في ديوان أبي تمام: «لا ترى صبر القطين بها» ، والمثبت يتفق مع تاريخ بغداد.
[٧] هذا البيت ليس في الجليس الصالح.
[٨] ديوان أبي تمام ٢٠٠، الجليس الصالح، ٢/ ٢٦٦، ٢٦٧، تاريخ بغداد ٨/ ٢٤٩، الأنساب ٨/ ١٨٩، تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٢٢.
[٩] الجليس الصالح ٢/ ٢٦٦، ٢٦٧.
[١٠] تاريخ بغداد ٨/ ٢٥٠، الأنساب ٨/ ١٨٩، ١٩٠.