الوجه الثاني والعشرون: مع ما تقدم من جلالة أبي عيسى في هذا الفن، إلا أن ذلك لا يمنع أنه قد يصحح أحاديث يخالَف فيها وتكون معلولة.
ومن المعلوم أن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ﷺ.
ومن الأمثلة على ذلك:
١ - قال ﵀ في باب في تخليل اللحية:(حدثنا يحيى بن موسى، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان بن عفان، أن النبي ﷺ كان يخلل لحيته.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح) (١).
قلت: هذا الحديث معلول، عامر بن شقيق تكلم فيه يحيى بن معين، وأظن أن أبا وائل لم يسمع من عثمان، وأن بينهما واسطة.
ومما يؤكد أن هذا الخبر معلول، أن حديث عثمان جاء من طرق في "الصحيحين" وليس فيه أنه كان ﵊ يخلل لحيته، بل إن الإمام أحمد (٢)، وأبا حاتم الرازي (٣)، والعقيلي (٤)، وابن المنذر (٥)، وابن حزم (٦) ضعفوا كل الأحاديث المرفوعة التي وردت في التخليل.
(١) (١/ ٢٩٦). (٢) "مسائل أحمد" لأبي داود (ص: ١٣). (٣) "علل الحديث" لابن أبي حاتم (١/ ٥٥٣). وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (١/ ١٩١): (وقال أحمد وأبو زرعة: لا يثبت في تخليل اللحية حديث). قلت: أخشى أن هذا وهم، وأن الصحيح: أحمد، وأبو حاتم. (٤) "الضعفاء الكبير" (٤/ ٣٢٧). (٥) "الأوسط" (١/ ٣٨٥). (٦) "المحلى" (٢/ ٣٥ - ٣٧).